في الوقت الذي تتواجد فيه ساكنة سوس تحت حصار مافيا الرعي الجائر ، وعوض أن يتجند ممثلوها في البرلمان لاستصدار موقف من المؤسسة التشريعية يدين اعتداءات الرحل ، أصدر برلمانيو حزب التجمع الوطني للأحرار بجهة سوس ماسة ، بلاغا عقب اجتماع لهم يوم الجمعة الماضي ، أعلنوا من خلاله عن تضامنهم ” الواعي ” مع “الساكنة المتضررة والتي لا تطالب إلا بحقها المشروع في الحفاظ على ممتلكاتها وعلى أمنها وسلامتها الجسدية”…..
كما استنكروا ما أسموه “الانتهاكات وما قد تكرسه كوضعية توحي باللاعقاب رغم ثبوت الركن المادي لهذه الاعتداءات”…..
وشدد البلاغ على أهمية قطيع هؤلاء الرحل كمكون مهم في الثروة الحيوانية الوطنية وكمصدر لتحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني من اللحوم الحمراء….
ودعا ذات البلاغ لدراسة إمكانية تخصيص قطيع الرعاة الرحل بحصيص من الأعلاف المدعمة مع اشتراط استقرارها في مناطقها الأصلية وكفها عن الترحال مقابل تلك الأعلاف….»
@ هذا البلاغ الذي يأتي بعد صمت طويل يستدعي ضرورة الإدلاء بالملاحظات الأولية التالية :
* لابد ان نسجل ،في البداية، التأخر الكبير في اتخاذ الموقف من طرف المعبرين عن صوت الساكنة ، المفروض فيهم التواجد في صدارة معاناة مواطني الجهة…إذ لم يتحركوا إلا بعد ان وصلت الاعتداءات اوجها وحدثت خسائر كبيرة في الأشجار والممتلكات وتعرض الأبرياء لكل أشكال الإهانة والتنكيل والسرقة وبعد استنفاذ كل انواع الشكايات والاحتجاجات واضطرار المواطنين العزل للخروج بأنفسهم للدفاع عن حياتهم وممتلكاتهم….
* الساكنة لا تنتظر من ممثليها مجرد التعبير عن التضامن اوالتعاطف ، بل المبادرة الى بلورة المواقف والحلول سواء باستغلال موقعهم داخل البرلمان للدفاع عن مصالح الناخبين ، أومن خارجه بالضغط على المؤسسات المعنية والسلطات الجهوية ، الإقليمية والمحلية ومصالح الدرك الملكي لضمان حماية امن وسلامة المواطنين …،
* البلاغ المذكور لا يتضمن إدانة واضحة للإعتداءات والتأكيد الصريح على ضرورة اعتقال ومحاسبة المعتدين على الحقوق الأساسية للمواطنين والخارقين لمقتضيات حالة الطوارئ ، بل هو بيان غارق في العمومية والضبابية والمصطلحات الفضفاضة ، من قبيل” تكريس وضعية اللاعقاب….” دون الإشارة الى اسباب هذه الوضعية ومن يقف وراء تعطيل القوانين الوطنية ومسؤولية واضعي قانون الرعي الجائر 113/13 في هذا التعطيل..،
* إشارة البلاغ الفجة الى اهمية القطيع بالنسبة للثروة الحيوانية لا محل لها من الإعراب في سياق الأحداث المأساوية التي تتعرض لها ساكنة سوس ، اللاهما كونها محاولة بئيسة لتوفير تبريرات واهية للإعتداءات الهمجية من طرف مافيات الرعي الجائر والتغطية على جرائمها…
* البلاغ يدعو الى مد الرعاة الرحل بالأعلاف كمقابل للكف عن الإعتداءات ولا يتحدث بتاتا عن ضرورة تعويض ساكنة سوس ماسة عن الخسائر والأضرار التي تعرضت لها الاشجار والممتلكات أو تلك الناتجة عن هجمات الرعاة الرحل على منازل المواطنين ولا عن الجهة المخولة للتعويض مما يؤكد استمرار منطق الكيل بمكيالين في التعامل مع إشكالية الرعي الجائر…!!؟…
* وتبقى النقطة الجوهرية في البلاغ ، حسب وجهة نظرنا ،والتي لم يجرؤ النواب المحترمون على تقديمها كنقد ذاتي لنظريتهم حول المراعي وتنزيل قانون الرعي الجائر ، هي الإعلان الضمني عن وصول «برنامج تنمية المراعي وتنظيم الترحال » الى الطريق المسدود ، وذلك عندما دعوا إلى توفير الأعلاف للرحل مقابل البقاء في مناطقهم الأصلية والكف عن الترحال…!؟.. .
مناقشة هذا المقال