فضل الأمازيغ في شمال أفريقيا على مر العصور معدن الفضة عن الذهب سواء في الحلي التي يتزينون بها أو في الأواني التي يأكلون فيها.
حقائق تاريخية تذهب إلى أن هذا التفضيل ليس مرتبطا بالدين أو بندرة الذهب، بل له مبررات أخرى إليك أبرزها:
“الفرعون الفضي”
أثبتت أدلة تاريخية استعمال الأمازيغ لكل من الذهب والفضة، في التبادل التجاري مع الفينيقيين . السؤال، ما دام الأمازيغ يتاجرون في الذهب، لماذا يفضلون وضع الحلي والأكل في الأواني الفضية؟
يقول الباحث في التاريخ الأمازيغي الحسين آيت باحسين: “الأمازيغ يفضلون الفضة تيمنا ومحاكاة لشيشنق”.
وشيشنق هو الملك الأمازيغي الملقب بـ”الفرعون الفضي”، الذي هاجر في القرن 10 قبل الميلاد من ليبيا وأسس الأسرة الفرعونية الأمازيغية بمصر.
وقد استطاع هذا القائد الأمازيغي أن يتولى حكم مصر وأن يحمل لقب الفرعون، ويؤسس بذلك الأسرة 22 في عام 950 قبل الميلاد، وحكمت سلالته قرابة قرنين من الزمن.
عرف هذا الفرعون بعشقه للفضة، وقبل وفاته أمر رعيته بدفن كميات كبيرة من الفضة مع جثمانه.
واكتشفت مقبرة شيشنق على يد الفرنسي البروفيسور مونيته في سنة 1940، والتي وجدت بكامل كنوزها ولم تتعرض للنهب. وبسبب الكمية الكبيرة للفضة المكتشفة في القبر سُمي شيشنق بـ”الفرعون الفضي”.
ذاكرة شعبية
وفي السياق نفسه، يرجع الباحث ارتباط الأمازيغ بالفضة إلى “دلالتها الضاربة في عمق تاريخهم، ولكونها أضحت ضمن الذاكرة المشتركة للأمازيغ”.
يقول الباحث الحسين آيت باحسين إن الأمازيغ كانوا يتبركون بـ’الخميسة’ الفضية، وهي على شكل اليد المفتوحة تُعلق للمرأة المتزوجة حديثا وللمولود الجديد للتفاؤل.
ويضيف أيضا أن “مجوهرات المرأة الأمازيغية جلها من الفضة، وتتوارثها الأسر”.
رمز الصفاء
يظهر حب الأمازيغ للفضة وارتباطهم بها في الشعر، الحكم والأمثال، بل حتى في النصوص ذات الصبغة الدينية كما هو الشأن عند الشاعر الأمازيغي المغربي سيدي حمو الطالب في شعره.
ومن الأمثال التي يتداولها المغاربة عن الفضة، المثل الشعبي القائل: ” الله يعطيك شي نقرة فين يغبر نحاسك”، وهو مثل يدل على صفاء الفضة وقيمتها الكبيرة لدى الأمازيغ.
ومن حيث الدلالة الرمزية، يوضح آيت باحسين بأن الأمازيغ يفضلون الفضة لإيمانهم بأنها “ترمز إلى الصفاء ويرمز بياضها الناصع إلى الخير والحب والسلم والأمان”.
مناقشة هذا المقال