أتيك ميديا:حسن المنقوش
على مشارف دورة أكتوبر، فتحت المادة 70 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية رقم 113.14 المجال أمام العديد من المستشارين الجماعيين عبر التراب الوطني ليشهروا سيف الإقالة في وجه رؤسائهم، لأول مرة منذ دخول هذا القانون حيز التطبيق.
فعلى بعد أسابيع من انتهاء ثلاث سنوات من المدة الانتدابية للمجالس الجماعية المنتخبة على إثر استحقاقات شتنبر 2015، دخل العديد من رؤساء الجماعات الترابية مكرهين صراعات استعطاف ومساومات وكسب ود وتواصل داخلي مع مكونات مجالسهم لإخماد حريق التمرد.
الذنب على المادة 70 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات
تنص المادة 70 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية المحلية على أنه “بعد انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس، يجوز لثلثي (2/3) الأعضاء المزاولين مهامهم تقديم ملتمس مطالبة الرئيس بتقديم استقالته، ولا يمكن تقديم هذا الملتمس إلا مرة واحدة خلال مدة انتداب المجلس، على أن يدرج هذا الملتمس وجوبا في جدول أعمال الدورة العادية الأولى من السنة الرابعة التي يعقدها المجلس، وفي حالة رفض الرئيس تقديم استقالته جاز للمجلس في نفس الجلسة أن يطلب بواسطة مقرر يوافق عليه بأغلبية ثلاثة أرباع (4/3) الأعضاء المزاولين مهامهم، من عامل العمالة أو الإقليم إحالة الأمر على المحكمة الإدارية المختصة لطلب عزل الرئيس يتم البت فيه من طرف المحكمة داخل أجل ثلاثين (30) يوما من تاريخ توصلها بالإحالة”.
وحسب القانون التنظيمي للجماعات، يترتب عن إقالة الرئيس أو عزله من مهامه أو استقالته عدم أهليته للترشح لرئاسة المجلس خلال ما تبقى من مدة انتداب المجلس. وفي هذه الحالة، يحل مكتب المجلس، ويتم انتخاب مكتب جديد للمجلس وفق الشروط وداخل الآجال المنصوص عليها في القانون التنظيمي.
تحالفات هجينة، أغلبها لا تنبني على مشترك سياسي
قد يكون تعليل سبب المطالبة بإقالة رؤساء الجماعات الترابية في الغالب فشلهم في تدبير أمور الجماعة طيلة ثلاث سنوات من نصف الولاية، لكن أغلب التحالفات التي يحاول معارضو الرؤساء تشكيلها هجينة، لأنها لا تبنى على مشترك سياسي أو على مرجعية تنموية، بل هي في معظمها مبنية على دوافع شخصية وذاتية لا علاقة لها بما هو تنموي وتدبيري، حتى ولو اجتهدت في إثبات ذلك تحت حجة ما سماه العديد منهم بالارتجالية والانفراد في اتخاذ القرارات، وكذا التسيير العشوائي.
كما لا تخضع “التحالفات” النفعية المشكلة لغرض إزاحة الرؤساء لمنطق سياسي، حيث نجد ناخبين “كبار” من أحزاب الأغلبية الحكومية يتحالفون مع آخرين من أحزاب المعارضة للإطاحة برؤسائهم، وقد نجد منتخبين من نفس حزب الرئيس يجتهدون لحشد الدعم ويحاولون بذل جهدهم لنسج علاقات جديدة مع أعضاء من أحزاب أخرى، وذلك قصد التفكير في إيجاد طريقة تبعد رؤساء حاليين عن مناصبهم.
وتمس الظاهرة جل أحزاب الطيف السياسي المغربي، حيث نجد رؤساء جماعات من الاتحاد الدستوري والعدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية … يضعون أيديهم على قلوبهم مخافة سحب البساط من تحت أرجلهم ودفعهم مكرهين لمغادرة كراسي الرئاسة.
كما شملت ملتمسات الإقالة جل مناطق المغرب، وخصوصا الجماعات القروية بإقليم بني ملال الذي عاشت أزيد من ثلث جماعاته نهاية الصيف فوق صفيح ساخن، إضافة إلى عدد من الجماعات الترابية بإقليم برشيد (لكارة – جماعة الساحل أولاد حريز، جماعة سيدي بن حمدون، لحساسنة، قصبة بن مشيش، …) بجانب جماعة أولاد عامر بإقليم سطات. هذا إضافة إلى جماعات عديدة بكل من أقاليم الناضور وأزيلال وخنيفرة والفقيه بن صالح ووزان والرحامنة الجنوبية وشيشاوة وبنسليمان… وغيرها.
ولم تسلم جهة سوس ماسة من جهتها من هذه الحمى الصيفية، حيث رفع سلاح المادة 70 في وجه رؤساء جماعة الخنافيف بأولاد تايمة والجماعة القروية سيدي بوعل بدائرة إيغرم (إقليم تارودانت)، إضافة إلى كل من جماعة الركادة وجماعة أربعاء الساحل وجماعة تافراوت المولود بإقليم تيزنيت.
ظاهرة قروية بامتياز، لكن الجماعات الحضرية لم تسلم
رغم أن الظاهرة قروية بامتياز، لكن المجالس الحضرية لم تسلم كذلك من رفع بطاقة المادة 70. ومن أبرز المدن الكبرى التي تعرف تحالفات هشة تهدد بسقوط رؤسائها، نورد على الخصوص مجالس وجدة وتطوان والمحمدية وآسفي والعرائش و سيدي سليمان … وغيرها، حيث تعرف بعض هذه المدن “بلوكاج” حقيقي في تدبيرها.
من جهة أخرى، لم تسلم مجالس العمالات والأقاليم من مقصلة طلب عزل الرئيس، حيث سارع بعض الأعضاء لكسب أغلبية مطلقة تمكنهم من إقالة رئيس المجلس الإقليمي الحالي للناضور بعد انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس، وذلك وفقا لما تنص عليه المادة 71 من القانون التنظيمي 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم.
ويجوز كذلك، وفقا للمادة 73 من القانون التنظيمي 111.14 المتعلق بالجهات، لثلثي (2/3) أعضاء المجالس الجهوية المزاولين مهامهم، بعد انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس، تقديم طلب بإقالة رئيس المجلس الجهوي من مهامه. لكن أي حالة لم تسجل بخصوص المجالس الجهوية.
الرؤساء، بصيغة المؤنث، أكبر الضحايا
كان في الأصل للنساء حظ قليل جدا من رئاسة 1503 بلدية ومقاطعة، على إثر انتخابات 2015. فقد نجحت تسع نساء فقط في الوصول إلى رئاسة الجماعات الترابية على الصعيد الوطني.
فتحت يافطة التجمع الوطني للأحرار، ترأست ثلاث نساء الجماعات اللواتي ترشحن فيها، وهن أمينة بوهدود بجماعة الكفيفات إقليم تارودانت، وكلثوم نعيم بجماعة العطاطرة إقليم سيدي بنور، وفاطمة بوحميدي بجماعة بني سيدان الجبل بإقليم الناظور.
فيما اعتلت منصة الرئاسة باسم العدالة والتنمية ثلاث نساء، وهن: عائشة إدبوش، رئيسة جماعة الدراركة نواحي أكادير، ومحجوبة التريدي، رئيسة جماعة بسيدي بوعثمان بإقليم الرحامنة، وسناء عكى، رئيسة جماعة قصبة سيدي عبد الله بن مبارك بإقليم طاطا.
بينما سجل حزب التقدم والاشتراكية، وصول سيدة واحدة إلى رئاسة المجلس الجماعي، وهي حنان عدباوي، رئيسة جماعة تافراوت المولود بإقليم تيزنيت، مثله مثل حزب الأصالة والمعاصرة الذي تترأس باسمه عائشة آيت حدو، المجلس الجماعي لأزيلال. فيما حازت إكرام بوعبيد التي تعتبر أصغر رئيسة جماعة بالمغرب من حزب جبهة القوى الديمقراطية على رئاسة جماعة أولاد علي الطوالع بإقليم ابن سليمان.
وتوجد ثلاث رئيسات ضمن لائحة المهددين بالإقالة، تحت طائلة المادة 70 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية رقم 113.14، وهن: فاطمة بوحميدي رئيسة جماعة بني سيدال الجبل بضواحي الناظور، وإكرام بوعبيد رئيسة المجلس الجماعي “أولاد علي الطوالع” بإقليم بنسليمان، ثم حنان عدباوي رئيسة جماعة تافراوت لملود، بإقليم تيزنيت. مما ينذر بتقليص عدد الرئيسات على رأس الجماعات الترابية ببلادنا.
إن تقزيم دور المرأة ومحاولة تغييبها في تسيير المجالس المحلية المنتخبة يظل السمة الرئيسية والبارزة لهذه اللحظة السياسية، ويعكس أن الوضع السياسي المغربي ما زال رجوليا بامتياز. فبعد دستور2011 وسعي الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء، كما ورد بالخصوص في الفصل 19 من الدستور، والتأكيد على ضرورة إشراك المرأة في تدبير الشأن العام وحثها على المشاركة السياسية والانخراط الكامل إلى جانب الرجل، يبدو أن “الناخبين الكبار” ما زالوا يعتبرون المرأة المنتخبة كحلقة ضعيفة يمكن اقتلاعها أو استهدافها بسهولة، ربما لأنها لا تمتلك بالقدر الكافي ملكة الدسائس والتآمر في حلبة السياسة التي يحكمها في زمننا هذا الكثير من الغدر وقلة الالتزام والثبات.
الحكامة الترابية على المحك
تقتضي الشهامة السياسية أن يتم احترام ضوابط أخلاقية وأن تكون المنافسة شريفة وأن لا يكون تفعيل المادة 70 من القانون نابعا من منطلقات وطموحات شخصية ذاتية أو مجسدا لمنطق كيدي وعدواني.
فمن تجليات الإصطفافات والصراعات المستعرة داخل الجماعات الترابية منذ شهر غشت إلى يومنا هذا، أن الرموز السياسية اختلطت، والأهداف والغايات اختفت، في ظل صمت رهيب لجمعية رؤساء المجالس المنتخبة، ولجمعيات المنتخبين الجماعيين التابعة للأحزاب السياسية المعنية .
فلا تعليق لكل هؤلاء “الحكماء” على ظاهرة نشاز تمس صرح مؤسسة رئيس الجماعة، التي تعتبر اللبنة الأساسية في تحريك مسلسل التنمية، باعتباره الشخص الرئيسي في هيكل النظام الجماعي، والمسؤول عن تسيير شؤون جماعته والمنشط الرئيسي للمجالات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية للجماعة، خاصة مع الوظائف الجديدة التي نص عليها القانون التنظيمي رقم 113.14 والتي تهدف إلى تحسين مردودية التدبير الجماعي.
وغالبا ما تجري أغلب المباحثات والمفاوضات ولعبة شد الحبل بين الناخبين الكبار بشأن إقالة الرؤساء داخل ردهات المقرات الوطنية في سرية تامة، وتلعب فيها القيادات الوطنية دور الحكم أو رجل المطافئ حسب الحالات.
الفصل 70 حق، أريد به باطل
إن مجرد وضع ملتمسات لسلطة الوصاية لإدراج ملتمس إقالة رئيس جماعة ما من طرف مجموعة من أعضاء جماعته، والتحركات التي يقودها الرؤساء المهددون بفقدان مقاعدهم أو منافسيهم على السواء، حيث يسعى الطرف الأول إلى الحفاظ على تماسك أغلبيته وضمان ولائها، فيما يسعى الطرف الثاني إلى اختراق تلك التحالفات وتشكيل تكتلات جديدة للظفر بكرسي الرئاسة بدلها هو في حد ذاته إضعاف لقوة القرار الجماعي وتماسك أركانه.
وبين هذا وذاك تبرز أساليب تسيء أساسا للممارسة الجماعية وتضعف الصرح الجماعي، وتقوي مكانة جهات أخرى خارج منهجية الديمقراطية التمثيلية، خصوصا وأنه يتم اللجوء للمادة 70 دون وجود أي تصور سليم بديل يحقق التطور الذي ينشده المنقلبون على رؤسائهم للجماعة ولمصلحة الساكنة التي يمثلونها.
كما يفتح سلاح المادة 70 المجال لبعض “الوجوه” خارج صرح القيادة الجماعية، والتي تدعي قدرتها على “التحكم” في اللعبة السياسية وفي رجال السلطة في تأجيج الوضع بالجماعات الترابية، وتسميم الأجواء والتحقق من القدرة على الإيذاء أو التأثير وإعادة توزيع الأوراق ولعب دور الإحماء قبل استحقاقات 2021 المقبلة خارج قواعد اللعبة الديمقراطية السليمة والطبيعية.
ويعاب أصلا على المادة 70 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية 113.14 أنها تساعد على عدم استقرار المجالس الجماعية، وهو ما يؤدي إلى تعميق منطق الابتزاز والحسابات الضيقة، خاصة وأنه توجد مقتضيات وميكانيزمات تحمي المجالس من حالات (البلوكاج) عند فقدان الرئيس لأغلبيته أو لحماية مصالح الجماعة من تجاوزات الرئيس، وأن القانون المغربي لا يشكو من فراغ في هذا الجانب.
فالقانون يسمح لعامل العمالة أو الإقليم بإحالة طلب إلى المحكمة الإدارية من أجل حل المجلس، إذا كانت مصالح الجماعة مهددة لأسباب تمس بحسن سير مجلس الجماعة، وإذا وقع توقيف أو حل مجلس الجماعة. وقد أصدرت سلطة الوصاية في ذات السياق ما يزيد عن 20 مرسوما يتعلق بعزل رؤساء الجماعات.
كما توجد مقتضيات في حالة ارتكاب الرئيس لأخطاء جسيمة، وهي كل الأفعال التي يرتكبها أو يتورط فيها رئيس المجلس والمرتبطة بأخلاقيات المرفق العام واستغلال مرافق الجماعة للمصلحة الخاصة والتصرف في مالية الجماعة و تبديدها وتحويل ديون خاصة إلى ديون في ذمة الجماعة وتحريف العقود والشهادات وتسليم رخص دون احترام القوانين والأنظمة المعمول بها خصوصا في مجال البناء والتعمير وأغلب ما تضمنته تقارير لجن التفتيش التجزيء غير القانوني للعقارات وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة المتعلقة بضبط المخالفات المرتكبة في مجال التعمير ومتابعة مرتكبيها بحياد تام وغياب الشفافية في استخلاص المداخيل المستحقة للجماعة وفي إحصاء الملزمين الخاضعين للرسوم والضرائب الجماعية إضافة إلى سوء تدبير حضيرة السيارات والإفراط في صرف التعويضات عن التنقل ومنح التعويض لبعض نواب الرئيس دون احترام الضوابط القانونية بما في ذلك المتعلقة بتشغيل الأعوان العرضيين… وغيرها.
وحسب تقرير صادر عن المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، تم تحريك المتابعة القضائية في حق 102 عضوا بالمجالس الجماعية، بينهم 40 رئيس جماعة، مهددا بالعزل من مهامه، و28 من نواب الرئيس، و34 عضوا من المجالس الجماعية، كما تم تحريك الدعوى العمومية في حق 43 رئيسا سابقا وأعضاء لارتكابهم أفعالا تستجوب عقوبة جنائية، من قبيل اختلاس المال العام أو تزوير وثائق إدارية أثناء ممارستهم لمهامهم، حيث يؤدي صدور أحكام نهائية في حقهم إلى تجريدهم من عضوية المجالس الجماعية التي ينتمون إليها.
ويطرح هذا الإشكال من جهة أخرى مسألة فعالية التواصل الداخلي بين مكونات المجالس المنتخبة، من إقامة علاقة وتراسل وترابط وإرسال وتبادل وإخبار وإعلام ومدى قدرة مؤسسة رئيس الجماعة على حشد المشاركة النشيطة في بناء القرار الجماعي ومتابعة حسن تنفيذ مقررات المجلس كآلية لحكامة التدبير الإداري والسياسي للجماعات الترابية.
إن ما يفيد المواطن العادي وأهم ما يمكن الاستناد عليه في هذا الباب أن لا يكون تسيير الجماعة متعثرا ويسير على درب الاختلالات المفضية إلى عرقلة السير العادي للجماعة، من وجود جمود غير مسبوق على مستوى تفعيل مقررات الدورات وصرف الميزانية المخصصة لتنفيذ المشاريع الجماعية، وأن لا يتعلق الأمر مطلقا بنهب أو تبذير أو اختلاس المال العام أو ارتكاب خطإ جسيم.
وغير ذلك من فصول الانقلابات المزاجية المبنية على نوازع شخصية، ومصالح ذاتية نفعية وضيقة لم يعد له محل من الإعراب، لأنه يقوض الزمن السياسي ويمثل هدرا للجهد الجماعي واستخفافا بذكاء المواطنين …
وماذا بعد؟
رغم التسليم بوجود رؤساء جماعات غير مؤهلين لاستثمار المؤهلات الترابية والاختصاصات التنظيمية للنهوض بتنمية جماعاتهم، وقد يبدو التلويح بسلاح المادة 70 في وجههم من أفضل وأقصر السبل لإبعادهم عن مقعد الرئاسة في منتصف الطريق، فالغالب أن منطلق التسلح بالمادة 70 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية لقلب المعادلة ليس سليما.
وحتى ولو تم تفعيل المادة 70 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، خصوصا في بندها الثاني، والتي تجيز للمجلس في حالة رفض الرئيس تقديم استقالته أن يطلب وجوبا في نفس الجلسة بواسطة مقرر يوافق عليه بأغلبية ثلاثة أرباع (4/3) الأعضاء المزاولين مهامهم، من عامل العمالة أو الإقليم إحالة الأمر على المحكمة الإدارية المختصة، فقد تلجأ الجهة المدعى عليها طبيعيا إلى الطعن في القرار أو مقاومته بما أوتيت من قوة وخبث … وهذا الاحتقان كله قد يعرض مصالح الجماعة للتوقف أو التعثر إلى حين.
وفي حالة حل مكتب المجلس، وانتخاب مكتب جديد للمجلس، هل ستقدم حصيلة أداء المجلس بعد ست سنوات مبتورة ومقسمة إلى أجزاء، في ظل أجواء مكهربة وغير سليمة؟ وكيف سيتم التعامل مع المنتخبين الذين ساهموا في إسقاط رؤساء من نفس هيئتهم السياسية؟
وحتى ولو بدت ملامح الهدنة في الأفق في غالب الحالات المطروحة، فكيف ستكون الأجواء داخل المجالس المنتخبة التي تكون ضحية الدسائس والمقالب بعد دورة أكتوبر العادية؟ هي حتما لن تكون عادية!
إن التحذير من تغول جهات وأطراف على حساب أخرى في المعادلة الجماعية الهشة أصلا، بشريا وماليا وتنظيميا، وعرقلة أداءها العادي قد يضعف قدرتها على التفاوض من أجل تنفيذ برنامجها التنموي في جو من المنافسة الشديدة بين جماعات وجهات المملكة.
والخاسر الأكبر من كل هذه التحركات خارج السياق، هي الديمقراطية المحلية. وأن طغيان مناخ من الشك والريبة والحذر والترقب وعدم الثقة سيظل السمة البارزة في علاقة المنتخبين فيما بينهم طيلة النصف الثاني من الولاية. مما قد يسبب الارتباك في العمل الجماعي، وقد لا يضمن الحد الأدنى من الاستقرار للمجالس المنتخبة.
الإعلانات
مناقشة هذا المقال