مقال راي : أمكسا
هي ظاهرة صحية … الهزات التي وقعت بمجموعة من المجالس الترابية بالاقليم ، و حبذا لو تتسع و تشكل زلزالاً حقيقياً ، لتحرك الركود التنموي ، و تبعد مجموعة من المدبرين للشأن المحلي ، الذين صاروا ” معيقات ” حقيقية للتنمية داخل جماعاتهم الترابية …
و إن كان لابد من تشخيص للهزات الأخيرة ، التي ارتبطت أكثر بتقديم ملتمسات للمطالبة بإستقالة الرئيس ، و دخول الذين لم يتمكنوا في جمع الثلثين لإكراهات زمنية ، مرتبطة بتحركات الرؤساء في أخر الدقائق لكسر محاولات ” الاسقاط “، فأبرز ما يمكن الوقوف عنده ، في هذه الدينامية الترابية :
أولاً : التفاعل الايجابي للمواطنين مع هذه الهزات ، و بروز رغبة جامحة في التغيير ، خاصة بالجماعات التي يتربع على رأسها رؤساء لما يزيد عن عقد من الزمن .
ثانياً : تكوّن نخب شابة من الجسم المدني و السياسي ، يتجهون بسرعة نحو تكوين قوة بديلة ، و الاصطدام مع حراس العهد الكلاسيكي ، خاصة الرؤساء الذين يعتمدون على الأعيان لكسب ” الشرعية ”
ثالثاً : انقلاب ” الكبار ” على الديموقراطيات المحلية ، و دخولهم في صف الرؤساء الذين هددهم التغيير ، حيث وظفوا كامل ثقلهم السياسي و العلائقي الاقليمي ، في الابتزاز و التهديد و الترغيب ، و تقديم مختلف الاغراءات للإبقاء على الوضع الحالي ، و الدفع بالموقعين على الملتمسات و المشكلين للتحالفات المعارضة ، للتراجع ، خوفاً من زلزال يطالهم كذلك .
رابعاً : هشاشة التحالفات المسيرة للمجالس ، و غياب التوافق الايجابي بين مكوناته ، و سيادة الارتجالية و الانفرادية في التسيير ، مع بروز آفات حقيقية في ميزانيات التجهيز و صرف النفقات و التعويضات و طريقة تدبير الموارد البشرية للجماعة ..
خامساً : هشاشة العلاقات بين مدبري الشأن المحلي و عامة المواطنين ، و ضعف التفاعل بينهم و بين فعاليات المجتمع المدني و باقي الفاعلين الترابيين ، و عدم احترام المقاربة التشاركية في صنع القرارات و تدبير الشأن المحلي .
سادساً : ضعف تأهيل المنتخبين قانونياً و تدبيرياً ، و بروز فئة من المنتخبين ” عالة ” على المجالس ، بحكم تراجع الاحزاب في القيام بدورها في خلق برامج و دورات تكوينية للإرتقاء بالممارسة التمثيلية للمنتسبين إليها .
سابعاً : ضعف شفافية التدبير المحلي ، و شل آليات التقييم و المتابعة و المحاسبة داخل المجالس ، و اتضاح أن هناك انعدام حقيقي لقواعد الحكامة المالية و التدبير التشاركي اللامتمركز . .
و إن نجح التغيير في عدد من الجماعات ، أو لم ينجح ، فلابد للادارة المركزية ان تتوجه الى عمق الأزمة الترابية لعلاج هذا العقم التنموي ، و ذلك عبر إجراءات حازمة ترسخ للحكامة الترابية المنشودة ، نراها حسب منظورنا الخاص ، في :
أولاً : تفعيل منهجي و راسخ لمبدأ المسؤولية بالمحاسبة ، و ضرورة تقديم من ثبت تقصيرهم و إخلالهم بمسؤولياتهم أمام العدالة .
ثانياً : إرساء حكامة ترابية و مالية حقيقية ، عبر فتح حسابات المجالس للتفتيش و تفعيل آليات الرقابة و المساءلة ، و العمل على إرساء شفافية الصفقات العمومية ، و وقف كل أشكال الريع داخل هذه المجالس .
ثالثاً : إلزام المجالس على العمل وفق رؤى واضحة ، و ” ميثاق ” للتحالف يلزم الجميع بالعمل المتجانس و المتناغم ، مما يضمن أجرأة النتائج وفق أهداف تستجيب لحاجيات المواطنين في التنمية المنشودة .
رابعاً : إلزام المجالس المنتخبة بالتفاعل مع المواطنين و إشراك حقيقي للمجتمع المدني في صنع القرارات و الميزانيات التشاركية .
خامساً : التصدي الحازم للانحرافات الاخلاقية و السلوكية لعدد من رؤساء الجماعات و نوابهم ، حيث لم يعد ممكناً ترك المجالس الترابية بصلاحيات واسعة في أيادي ” منحرفة ” ، لا تحسن التواصل و التدبير و التعامل مع المتغيرات المجتمعية الآنية .
الإعلانات
مناقشة هذا المقال