بقلم حميد وتكيدا.
تقدم العلوم يزيد من قدرتنا على تشخيص الأمراض:
المجهر أو الميكروسكوب :
عرفنا أن هناك أمراضا كثيرة تتشابه أعراضها،وتختلف أسبابها،ويختلف علاجها تبعا لذلك،فالتهاب الحلق واللوزتين قد ينشأ عن الدفتريا أو عن نزلة برد أو عن إصابة ميكروبية بسيطة.. وكل هذه الأنواع يصحبها ارتفاع في درجة حرارة المريض،وآلام في الحلق وصعوبة في ابتلاع الطعام.وليس من اليسير أن يفرق الطبيب بين هذه الأعراض،وبخاصة في مراحلها الأولى،دون أن يفحص عينة من الإفرازات المأخوذة من حلق المريض لكي يقرر ما إذا كانت الجراثيم الموجودة هي جراثيم الدفتريا،أم الجراثيم الأخرى التي تسبب التهاب اللوزتين أو نزلات البرد.
كذلك قد يشكو مريض من “السعال”..ويفحص الطبيب مريضه فيجد أن هناك التهابا في رئتيه..ولكن مانوع هذا الإلتهاب؟
هل هو التهاب شعبي بسيط ناتج عن الجراثيم السبحية؟أم من جراثيم الإلتهاب الرئوي؟أم غير ذلك من الأسباب؟ويتطلب التفرقة بين كل هذه الأعراض فحص بصاق المريض.
وقد يشكو المريض من إسهال دموي…وقد يكون هذا ناشئاعن أصابة بالهارسيا أو بنوع من أنواع الدوسنتاريا..أو ورم خبيث في الأمعاء..ومعرف السبب يتطلب فحص فضلات المريض بواسطة المجهر الذي تم اختراعه في هولاندا حيث كان الأهالي يتقنون صناعة العدسات وذلك في القرن السابع عشر.ومن هؤلاء كان هانز يانسالذي قام بصقل عدسة ووضعها في منظاره وأقبل على فحص البراغيث به..فأظهر له هذا الفحص جسم البرغوث مكبرا،ورأى أشياء غريبة عليه وتمكن أنتوني فان لوفينهوكمن صنع أول ميكروسكوب عام 1670 وفحص به شعيرات صوف الماعز فبدت له كأنها كتل خشبية،وبدت له عين الذبابة وكأنها جوهرة ثمينة ثم قام بفحص قطرات من ماء المطر فوجده صافيا ولكنه عندما ترك نفس الوعاءعلى النافذة يوما واحدا ثم أعاد فحصه. وجده يعج بمخلوقات صغيرة جدا تسبح وتتحرك.والميكروسكوب في أبسط أنواعه يعتمد على عدستين محدبتين،أولاهما أكثر تحدبا من الثانية،وتسمى العدسة الأولى الشيئيةوهي تكون صورة مكبرة ومقلوبة للجسم الصغير الذي يراد فحصه كما تعتمد على قوة تكبير كل من العدستين. وقد تصل قوة التكبير ألفي ضعف تقريبا مما يساعد على اكتشاف الخلايا والأنسجة ومختلف أنواع الجراثيم..أما الميكروسكوب الكهربائي فهو أعجوبة العصر إذ أنه يكبر بثلاثين ألف ضعف تقريبا.فالجرثومة الضئيلة الخفية تراها العين بالمجهر في حجم الوسادة..وبذلك ظلت أسباب بعض العلل والأمراض مجهولة مثل الإنفلونزا أوشلل الأطفال..حتى أظهر لنا هذه الميكروبات الخفية التي تسمى(الفيروس)وعين لنا أشكالها فتحددت أنواعهاوبواسطته تم اكتشاف الكوليرا وعرف أنها تنتقل من المرض إلى مياه الأنهار والآبار فتعيش وبذلك ينتشر الوباء.وكذلك معرفة الملاريا والحمى الصفراء ولولا الميكروسكوب لما تمكن كوخ koch من اكتشاف ميكروب السل في بصاق وأنسجة المصابين ولما تمكن من اكتشاف ميكروب الزهري والأنسجة التي تصيب تقيحاته.
في الدرس المقبل سنتعرف كيف اكتشفت الأشعة السينية ؟
مناقشة هذا المقال