ومن جهة أخرى، لابد أن نحيي عامل إقليم سيدي افني على تنظيم اجتماع عاجل وموسع حول مشكل الرعي الجائر، والذي استدعى له كافة أجهزة الإدارة والسلطة والقطاعات الحكومية المسؤولة، من وزارة الفلاحة والمياه والغابات ورجال السلطة والدرك والمنتخبون. وهذه مبادرة محمودة يشكر عليها السيد العامل على سرعة تفاعله ومواكبته للمشكل، وخاصة في استدعاء وزارة الفلاحة في شخص مديرية الإقليمية التي صرفت ملايير الدراهم من دعم الدولة ومن دعم كبير رصدته دولة قطر لجهة گلميم وادنون وفيها ما صرف في البرنامج الوطني للمراعي، ولم يظهر له أثر لاسيما في رسم مسالك وخطوط عبور الرحل لأن آيت باعمران واقليم سيدي افني عامة يشكل منطقة مرور الرعاة من الصحراء إلى مناطق الاطلس الصغير وسوس.. كذلك في إحضار إدارة المياه والغابات للتتحمل مسؤوليتها كاملة..
أما المنتخبون، فماعدا مداخلة رئيس المجلس الإقليمي السيد بوليد ابراهيم الذي يظهر أنه فهم حيثيات الظاهرة واستوعب ترسانته التشريعية المحدودة، وامتداداتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية مما جعله يترافع بشكل منظم وقوي على المنطقة، وكذلك مداخلة السيد زيداس رئيس جماعة امي نفاست ونائب رئيس جماعة تانگارفا السيد بنيران.
لذلك، فالمشكل مركب عويص، ومعقد، يتجاوز ما هو سطحي ويتركب فيه ما هو تاريخي وسياسي واقتصادي، ويتمحور على أكبر مشكل كان يؤرق التطور التاريخي للمغرب منذ قرون وهو الصراع حول المجال، حول الماء والكلأ.
ومدام أن السيد عامل إقليم سيدي افني يتبنى المقاربة الشمولية في مواكبة هذا المشكل، فمن الأجدر خلق لجنة يقظة تتابع بشكل يومي تحركات الرحل وضبط المسارات والمداخل التي يدخل منها الرعاة من كل جهات الإقليم لضبط وثيرة تدفق الرحل والكسابة وتنظيم سيرورة العبور اذا كانت ضرورية… فالأمر يحتاج إلى رؤية ودراية ومواكبة وحسن التعامل والتواصل مع الرعاة ومع الساكنة المحلية لفهم بعض أساسيات الترحال الرعوي وضوابطه التي كان يشتغل عليها المجتمع قديما. لأن الرعي الترحالي ليس جديدا وكان آيت باعمران يمارسونه عبر قرون، ايام كانت لمطة سيدة الجنوب تجوب مجالات واسعة من واد ماسة إلى واد السينغال.
عبدالله بوشطارت..
مناقشة هذا المقال