عبدالعزيز ياسين، مؤرخ أمازيغي من تربة سوس، من ميرغت الولادة(كما يسميها) ، وهي من عتبات ازغار نحو هضبة إفني بظلال جزولة. مؤرخ شاب يمثل الجيل الجديد لمؤرخي البادية، جيل ما بعد المختار السوسي وصدقي علي ازايكو وعمر أفا ومحمد حنداين وأحمد بومزكو، وهي سلسلة طويلة من المؤرخين الذين جعلوا من تاريخ سوس منطق السؤال والاستشكال التاريخي.
عبدالعزيز ياسين هو أول طالب سمعت منه تحية أزول ⴰⵣⵓⵍ في بداية الموسم الجامعي 2000/2001 داخل حلقة أوطامية ذات مساء من شهر أكتوبر تحت شجرة الأرگان بمدخل كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، وكان يرتدي قبعة سوداء مرسوم عليها حرف ياز ⵣ الامازيغي بتيفناغ، وكانت الحلقة تتشكل من طلبة قاعديين وتروتسكيين. ومنذ ذلك اليوم توطدت العلاقات والروابط مع الصديق عبدالعزيز ياسين، استمرت بعد انتقاله للدراسات العليا بجامعة محمد الخامس بالرباط وبعد تخرجه منها أيضا، حيث عين للتدريس في جبال تافراوت، وظلت صداقتنا متينة تتقوى بالنقاش السياسي والفكري حول القضايا المشتركة المرتبطة اساسا بالنضال الامازيغي ومصير القضية، نلتقي في محطات النضال الامازيغي بالرغم من البعد ومن تفرع المسارات. ناقش الاستاذ ياسين رسالة دكتوراه في التاريخ حول موضوع النوازل الفقهية والمجتمع في بادية سوس، وهي اطروحة علمية رصينة، بذل فيها مجهود أكاديمي جبار أشاد بها كل الأساتذة الذين شاركوا في مناقشتها وغيرهم من الذين اطلعوا عليها. بعد ذلك إلتحق ياسين برحاب الجامعة مدرسا في شعبة التاريخ باستحقاق وكفاءة، لينضم إلى الأساتذة الأجلاء الذين يشتغلون بهذه الشعبة التي تعتبر على رأس الشعب الحيوية والنشيطة المعروفة بالجدية العلمية والتراكم الأكاديمي في نشر الأبحاث والمقالات البحثية وتنظيم حلقات وندوات حول مواضيع مختلفة ذات الصلة بالتاريخ والكتابة التاريخية والمجتمع والمجال.
عبدالعزيز ياسين، مؤرخ له أسلوبه الخاص، لا يشبه الآخرين في اللغة والمنهج والتركيب، يسعى بكل اجتهاد أن يضع لبنته الخاصة فوق البناء التاريخي الذي تركه المؤرخون السابقون، بمعية مورخين معاصرين، لأرساء أسس متينة لمدرسة تاريخية كاملة الأركان في سوس. التاريخ بمثابة بحر كبير لا يتطلب فقط الجلوس على شواطئه والاستمتاع به، وإنما يستدعي المغامرة للغوص في دواخله واعماقه لاستكشاف الباطن، والمغامرة مشروطة بالنباهة والذكاء والخبرة، ذلك ما يضطلع عليه المؤرخ ياسين عبدالعزيز، فهو قادر على ذلك بكل ثقة وأمانة…
عبدالعزيز ياسين يعتبر من النخب التي يجب على القضية الأمازيغية أن تسعد وتفرح بهم، ظل وفيا لمبادئها منذ أن كان تلميذا في الثانوية ثم بالجامعة حيث كان من بين المؤسسين للحركة الثقافية الأمازيغية.. ولازال على الدرب ينافح ويكافح بالعلم والبحث والتدريس…
في كل وقت وحين، وفي كل مكان يتجدد اللقاء والعناق…
مناقشة هذا المقال