بقلم احمد الدغرني
الهجرة السرية نحو أوروبا تسمى في لغة الشعب “الحريك”Lhrig وهي مصطلح جديد في لغة المغاربة يستحق الإجتهاد والابتكار لأنه من ابداع الشباب،مشتق من كلمة شعبية قديمة تطلق على الفتنة التي تشبه اشتعال النيران في المجتمع، وفعلا أصبح الحريك موضوعا سياسيا كبيرا في المغرب،ابتداء من صيف 2018حيث انضاف الى حراك الريف،وحملة مقاطعة بعض المواد التجارية، ليظهر المغرب المخزني في أسوإ حالاته السياسية والاجتماعية،وتدور مشاكله الكبرى حول أربع محاور،هي: الحريك،والحراك الشعبي، والمقاطعة للبضائع التجارية،ومشكل الصحراء، وظهرت فئة من الشعب تسمى “الحراكة”Lhrraga دخلت في لغة هذه المرحلة من التاريخ السئ،ونخصص لها هذا المقال،لأنها موضوع هذا الوقت الذي يفرض على كل واحدة وواحد منا أن يحاول التفكير واستخلاص الدروس من هذه المادة التي تستحق أن تدرس في جميع مراحل التربية والتكوين،وليس فقط في الصحافة ومواقع الدعاية والإنتهازية السياسية للحكام،والأحزاب وأجهزتهم ….
الهجرة الجماعية للشعب المغربي نحو الخارج نوعان:هجرة اختيارية،وهي التي تسمى “الهجرةالعادية” ويقوم بها من يتوفر على الشروط التي يحددها الأجانب للحصول على أوراق السفر أو الإقامة في بلادهم، أوحتى الحصول على الجنسية ، وهذا النوع هو الذي يمثل فئة اجتماعية تتمتع بالإمتياز عن “الحراكة”، لأن المحرومين من الهجرة المسماة “شرعية”يعرفون حلاوة الهجرة وماتحققه من شروط الحياة الكريمة عن طريق المهاجرين غير السريين،ويقارنون بين حياة هؤلاء في الخارج،وحياتهم في الداخل.
يعتبر في المغرب من يتمتع بخيرات السفر الى الخارج بحرية للدراسة،أوالعمل ،أو السياحة في كثير من الأحيان من كبار الحكام وعائلاتهم، الذين يتوفرون على إقاماتRésidences وأموال بالخارج،وينقلون أموالهم الى الجزر،والأقطار في الشرق والغرب دون رقابة في البلد تحاسبهم عن ذلك ويصنعون لأنفسهم امتيازات جواز السفر الديبلوماسي،والنفوذ التحكمي لدى مصالح صرف العملات الأجنبية ولدى مصالح القنصليات الأجنبية …..وهذه الفئة هي السبب الرئيسي في رغبة الشباب في الهجرة نحو الخارج لأنهم يحاولون تقليد حكامهم أين يرتاحون ويتمتعون،ويعالجون أمراضهم؟ ….
النوع الثاني من الهجرة الجماعية هو الهروب ،والإنتحارفي مياه البحار،وهو ناتج باختصار عن عدة أسباب:
أولها سوء الحالة السياسية والاقتصادية بداخل البلد،والحرمان من الحقوق والحريات،وتهريب االأغنياء والحكام لأموالهم الى بلدان أخرى توفر لهم جو العمل والإنتاج،وتضمن لهم الحريات الأساسية التي تجعلهم مرتاحين ،متفائلين …..وهذه الحالة السيئة هي التي تجعل الشباب والمفكرين والنساء والرجال يصيبهم اليأس من الحياة،وانسداد فرص العمل ،وفقدان الأمل،وعدم الثقة في ووعود الحكام، حتى يصل بهم الأمر الى الإقتناع بالمغامرة التي تسمى الحريك،وهي تؤدي الى المرور نحو بلدان الهجرة،أو الموت المقبول والبارد في مياه البحر،وقد انتعشت ظاهرة الحريك في المغرب لسببين رئيسين، أولها: إغلاق الحدود البرية مع الجزائر،وعراقيل المرور والسفر عبر موريتانيا والصحراء، وهذا الإغلاق يزداد سوءا،بتواطؤ الحكام في الجزائر والمغرب ، ضد حرية السفر عبر البلدين ،وعلى الشباب الذي يموت مجانا في البحر أن يجتمع، ويتسيس ،ويرغم الديكتاتوريات على فتح الحدود البرية،وثانيها هو تشديد دول أوروبا في شروط منح التأشيراتVisasللسفر الى بلدانهم،وهي مصيبة أصابت الشعب المغربي من هجمات الإرهابيين القادمين من الشرق الأوسط على الأوربيين في بلدان الهجرة،وبدأت بهجوم الفلسطينيين على فريق كرة القدم الإسرائيلي في ميونيخ بألمانيا سنة1972،وكانت حرية السفر الى أوروبا قبل ذلك حرة ليس فيها أية قيود غير حمل جواز السفر، وعلى الشباب اليوم أن يعرفوا أن حرمانهم من السفر الحر الى أوروبا بدأ من هذه الحادثة ،واستمر الإرهاب حتى شمل مناطق شمال افريقيا ونتجت عنه أغلبية قيود السفر في العالم…..
لقد سجلت لشباب المغرب ظاهرة جديدة مشجعة على التسييس الشعبي وهي إطلاق شعارات ومطالب حرية السفر في ملاعب كرة القدم،وهي دلالة على تطور الفرجة الكروية الى مناسبة لتسييس الشباب المستهدف بالتجنيد الإجباري، والحريك،ومخزنة التعليم، وهي رد فعل ضد الدعاية السياسية الكاذبة حول مشاريع اصلاح التعليم…وتحويل السياسة المخزنية في افريقيا الى تسليط الحراكة الأفارقة وفتح الأبواب لهم لينافسوا الحراكة المغاربة .
على شباب الحريك أن يفهم أنه أصبح وسيلة لابتزاز الحكام للدول الأوربية لإرغامهم على منح المخزن القروض والدعم المالي والسياسي تحت ستار محاربة الهجرة السرية،لكي يصبح الحراكة بضاعة تجاريةً .
الإعلانات
مناقشة هذا المقال