المغرب:منظمو “كرنفال بيلماون” يدافعون عن مشاركة فرق من إفريقيا جنوب الصحراء
بعد أن شارك في نسخة السنة الماضية من الكرنفال الدولي بيلماون مهاجرون من جنوب الصحراء من المستقرين بالمملكة، استقبلت نسخة هذه السنة مشاركات فرق أجنبية من بعض دول العالم، خصوصا بالقارة الأفريقية، ويتعلق الأمر بأربع دول، من بينها الطوغو، البنين وغينيا كوناكري.
حظيت مشاركة هذه الفرق ضمن فعاليات النسخة الثانية من كرنفال “بيلماون”، التي انتهت يوم الأربعاء الماضي، بتنويه بـ”حرص الجهة المنظمة على تدويل التظاهرة وجعلها قريبة من العالم ومن الفرق الأجنبية ومن المهاجرين كذلك بالمملكة، بما يحقق التعايش ويبرز تعلق المملكة بعمقها الأفريقي”.
وأمام هذه الإشادة، أبى بعضٌ ممن يدعون أن لهم “انتماءات يمينية” إلا أن يسخروا من هذه المبادرة ويعتبرونها “بداية لإخراج التظاهرة من صيغتها المحلية والإخلال بطبيعتها الأصلية وإبدال جيناتها بجينات أجنبية”، معتبرين كذلك أن “فتح الباب أمام من يمثلون دولا أخرى يأتي في إطار المركزية الأفريقية أو الأفروسانتريك التي تهدد التركيبة الثقافية للمجتمع المغربي”.
وأبى الطيف المجتمعي والحقوقي إلا أن يؤكد “مدى كون المجتمع المغربي أفريقيا بامتياز وينبذ العنصرية على أساس اللغة واللون والانتماء الديني، ومدى كون فلسفة بيلماون تتنافر وأي دعوةٍ لإقصاء أي طرف بخلفيات عنصرية”.
بخصوص هذا الموضوع، أفاد حسين بويعقوبي، نائب مدير كرنفال بيلماون الدولي بأكادير، بأن “نسخة هذه السنة عرفت مشاركة فرق أجنبية من 4 دول أفريقية كالطوغو والبنين وغينيا كوناكري، باعتبارها فرقا احترافية ومعروفة تجوب العالم وتشارك بعروضها الفنية بعدد من المعارض الدولية وليس بالمغرب وحده”، مشيرا إلى أنه “بالفعل، في الدورة الأولى من الكرنفال شارك مهاجرون من جنوب الصحراء ممن يستقرون بمدينة أكادير”.
وذكر بويعقوبي، في تصريح لهسبريس، أن “مشاركة المهاجرين في الكرنفال تعزز العمق الأفريقي للمغرب وتبرز أهمية المملكة بالنسبة للقارة الأفريقية”، موردا أن “مشاركة هذه الفرق الأجنبية تعزز التبادل الثقافي والعيش المشترك والتعرف على الآخر وقبوله”.
وقال نائب مدير الكرنفال سالف الذكر إن “هذه التظاهرة هي لحظة احتفالية مفتوحة في وجه الجميع بدون تمييز، ومستقبلا من المتوقع أن تحضر فرقٌ كرنفالية من مختلف بقاع العالم، وكل من يعارض ذلك فهو يُخندق نفسه في خانة مغلقة ويحتاج للتعود على قبول التعدد والاختلاف والنظر إلى الإنسان باعتباره قيمة في حد ذاته بغض النظر عن كل ما يمكن أن يخلق الميز بين البشر”.
وزاد بويعقوبي: “يجب كذلك ألا ننسى أن المغاربة أيضا مهاجرون ويتواجدون بمختلف بقاع العالم، مما لا يجب معه إنتاجُ خطابٍ عنصري كالذي يعاني منه أبناء بلدنا في بعض البلدان الأجنبية”.
في نقد “الأطاريح العنصرية” التي رافقت هذه التظاهرة، قال مصعب المرجان، حقوقي بالجهة عضو بجمعية إحياء التراث بإمينتانوت، إن “بيلماون في الأصل هو فسحة للتلاقي والتبادل الإنساني مع مختلف ثقافات المنطقة، وإن نحن قمنا بالنقيض من ذلك، فإننا نخالف خصوصيات المجتمع المغربي الأمازيغي ذي الهوية الأفريقية”.
ولفت المرجان، في تصريح لهسبريس، إلى أن “الدعوة إلى جعل الكرنفال ينحصر وينغلق على نفسه، هي من مظاهر الانعزالية التي تتعارض مع الثقافة الأمازيغية المؤمنة بروح التعايش والتلاقح الإنساني، وهي كذلك من المظاهر التي تزحف على الكونية والحق في التبادل الثقافي”.
وزاد: “من يناصر هذه الادعاءات لا يتوفر على حس حقوقي وإنساني، ولا يمكنه أن يساهم في ميلاد أي تصور أو فكر سياسي يمكنه أن يطبق داخل المجتمع المغربي المعروف عنه انفتاحه ونبذه للإقصاء والفكر والثقافة الواحدة”.
وتابع المتحدث قائلا: “يجب أن يكون لدينا تصور لما نريده من هذا المجتمع، هل نريد مجتمعا منفتحا يسع الجميع أم مجتمعا إقصائيا يتنافى وضرورات الفرح؟”، مبرزا أنه “في الوقت الذي نحن كمغاربة ندين دائما ما يقوم به اليمين المتطرف بأوروبا في حق أبنائنا، فإنْ نحن فعلنا مثلهم سنسقط في مفارقة إنسانية واضحة”، واصفا بيلماون بأنه “الحدث الثقافي الذي يسع الجميع ويلاقي المغرب بعمقه الأفريقي وجواره الإيبيري”.