الغلوسي : يوم حزين في آيت أورير.. حين قاد أحمد التويزي هجوماً على الكلمة الحرة (فيديو)
				لم أكن أتصور أن ندوة عمومية، هدفها النقاش وتبادل الأفكار، ستتحول إلى مشهد من الفوضى والتهديد والعنف اللفظي. مساء الأحد 2 نونبر، وجدت نفسي أمام واقعة صادمة في مقر بلدية آيت أورير، بطلها رئيسها البرلماني أحمد التويزي، الذي قاد بنفسه أنصاره لنسف اللقاء بطريقة غير مسبوقة. ما حدث لم يكن مجرد سوء تفاهم، بل رسالة خطيرة عن مدى تغول الفساد واستعمال السلطة لإسكات الأصوات الحرة.
ذلك المساء، حضرت إلى قاعة البلدية كأي مواطن عادي، للمشاركة في ندوة عمومية مفتوحة. لم أكن مؤطراً ولا منظماً، فقط مدعواً للحضور والاستماع والمشاركة. لكن ما جرى فاق كل التوقعات.
فجأة، دخل أحمد التويزي، رئيس بلدية آيت أورير ورئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، رفقة مجموعة من أتباعه الذين بدا عليهم الغضب والانفعال. لم يأتوا للحوار، بل جاؤوا لفرض الصمت بالقوة والصراخ.
بدأ التويزي بالصياح، محاولاً السيطرة على المنصة، دون أي احترام لحق الآخرين في الحديث. استعمل خطاباً عنصرياً حين قال لي: “انت جيتي من دمنات”، ثم أضاف: “انت محامي فاشل” — كلمات جارحة تكشف نظرة متعالية وغير مسؤولة.
لم أفهم كيف يسمح مسؤول بهذا الحجم لنفسه أن يتجاوز كل حدود اللياقة، ويتحول إلى خصم يهاجم الناس في كرامتهم ومهنتهم.
في تلك اللحظة، أحسست بخطر حقيقي. كان المشهد مخيفاً: وجوه مشدودة، أصوات مرتفعة، استعداد واضح للعنف. حاولت الاتصال مرتين بالسيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمراكش لأطلب الحماية، لكن دون جدوى. اضطررت أن أتوسل بعض الحاضرين ليشكلوا حولي دائرة حماية، خوفاً من أي اعتداء وشيك.
كانوا يرددون: “سي الغلوسي، ما تخافش، حنا معك.” كلمات بسيطة لكنها أنقذتني من شعور خانق بالوحدة والهلع.
ذلك المشهد لم يُسِئ لي شخصياً فقط، بل أساء إلى صورة البرلمان، والحزب، والسياسة في هذا البلد. كيف يمكن لرئيس فريق برلماني، يفترض أنه يمثل الأمة، أن يقود بنفسه عملية اقتحام وفوضى داخل مؤسسة عمومية؟ كيف لمن يتحدث باسم “الحداثة” أن يمارس مثل هذه الهمجية؟
آيت أورير، التي يرأسها التويزي منذ أربع ولايات، ما تزال تعيش وضع دوّارٍ مهمّش: لا تنمية، لا بنية تحتية، لا مرافق حيوية. ورغم هذا الواقع البئيس، يصر على “تخراج العينين”، وكأن كل نقد هو تهديد لمملكته الخاصة.
لقد قلتها مراراً: الفساد في بلادنا تغوّل، وأصبح يهدد كل من يجرؤ على رفع صوته. هناك من يعتبر المؤسسات امتداداً لممتلكاته، ويظن أن الجماعات الترابية ومواردها جزء من أملاكه الخاصة، يقرر فيها كما يشاء.
ما حدث في آيت أورير ليس مجرد حادث عرضي، بل إنذار عن حجم التدهور الذي وصلت إليه قيم الحوار والمسؤولية.
أكتب اليوم وأنا أشعر بالحزن والأسى، لأن ما شاهدته لم يكن سوى تجسيد حي لواقعٍ مؤلم: حين يتحول المنتخب إلى خصم للمواطن، وحين تصبح السلطة وسيلة للإسكات لا للإصغاء.
إنه يوم حزين فعلاً… ليس لي وحدي، بل لكل من يؤمن أن الكلمة الحرة هي آخر ما تبقّى من كرامة هذا الوطن.
https://www.facebook.com/share/v/1CUajPJgRP/