رواية ” أصابع لوليتا ” من روائع الكاتب الجزائري واسيني الأعرج، والتي تتداخل فيها عوالم الكتابة والمودا والاغتصاب والتطرف الديني وصراع أبناء الثورة التحريرية بالجزائر…من أقوى لحظات الرواية هي العشق المعرفي ” أن تحبك امرأة من أجل كتاب، فهذا يعني أنك في عمق الأنثى ” ( ص 387) وكيف تحولت قراءة كتاب الى حب جارف للكاتب ثم استغلال قوى التطرف الديني للعشيقة ” لوليتا ” لاغتيال الكاتب ” يوسف مارينا ” المتهم بالتكفير…وهكذا ستختار العاشقة ” المهبولة ” تفجير نفسها بدلا من تفجير حبيبها…
ما حيرني في هذه الرواية هو كيف وصلت قوى التكفير والتطرف الديني الى ” لوليتا ” المشتغلة بعالم المودا والمقبلة على الحياة بشغف؟ و هي التي قالت لحبيبها يوسف ” المرأة حبيبي ترفض أن تظل ثانوية وعلى السطح. تصور العقلية. تخيل؟. حتى الله مصاغ ذكوريا في لاوعي البشر في كل لغات الدنيا، الأمر الذي يجعلنا في الكثير من الأحيان بعيدين عنه. من يتخيل الملائكة إناثا؟ جبرائيل؟ ميخائيل؟ عزرائيل؟. كيف يعيش الملائكة بلا إناثهم؟ لابد أن تكون حياتهم جافة. أحتاج الى ملائكة مسكونين بالهشاشة وليس بالسلطة، عندما أشكو لهم أحزاني وجروحي، يحنون رؤوسهم بحب وصمت مثلما يفعل العشاق المتواضعون ” (ص441)…. وهي التي قالت أيضا واصفة ” باريس ” ” ااااه ما أسحر هذه المدينة! الثلج، والأناقة، والبنايات المصطفة باستقامة..! لابد أن يكون الذين بنوها بهذا الشكل المدهش عشاقا حقيقيين، أو أن الله يحبها ” (ص437)
ربما الجواب عن هذا السؤال المحير كامن في ثنايا الرواية لما تتحدث عن النساء المشتغلات بعالم ” المودا ” واللائي ينظر إاليهن كبضاعة قد تنتهي صلاحيتها في كل وقت وحين وبالتالي هن عرضة لفراغ نفسي واجتماعي خطير وكذلك مصدر متعة تجري أطوارها بقصور يملكها مركب تتحالف فيه السلطة والدين….اختيار ” لوليتا ” للتضحية بنفسها انتصار صارخ وصريح للحب وللعشق على قوى الكراهية والتعصب الديني ” الدين هكذا، عندما يسيس يفقد عفويته، ويتحول الى كراهية بغيضة بين الناس والمحيط ” (ص 27).
الرواية في 500 صفحة صادرة عن دار الآداب بيروت. الطبعة الأولى 2012.
كل الشكر والتقدير للرفيقة وفاء بدري التي أتحفتني بهذاالنص البديع الذي يحكي تجارب إنسانية متعددة بلغة إبداعية راقية….
مناقشة هذا المقال