بقلم ابراهيم وزيد.
من بين الاجراءات التي تضمنها قرار تخفيف الحجر الصحي ببلادنا، فتح المنتزهات والحدائق في المنطقة المصنفة “ألف”، التي صنفت فيها مجموعة من الأقاليم بينها إقليم تيزنيت، وصلة بالموضوع نقترح عليكم، مادة تاريخية عن أقدم المنتزهات والحدائق بنواحي تيزنيت، ويتعلق الأمر بصهريج الركادة، الذي شيد من طرف القائد عياد الجراري..
أوردنا في الحلقة السابقة أن الجراريون قاموا بتقليد التيزنيتيون من خلال تسوير تالعينت على غرار السور الحسني بتزنيت، وشيدوا قصبة كبيرة على رأس عين “حسون”، اتخذوها مقرا رسميا للحكام من آل بورحيم، كما هو الحال بالنسبة الى القصبة المخزنية بمحاذاة العين الزرقاء.. وامتد طموح الجراريون بقيادة القائد عياد بن محمد الى محاولتهم محاكاة المراكشيين، من خلال بناء صهريج الركادة، وهو النسخة الجرارية من حدائق المنارة بمراكش..
لم يذكر الإخباريون أي شيء عن تاريخ بناء الصهريج، لكن ما هو مؤكد أنه بني في فترة القائد عياد بن محمد (1914-1938) وفي هذا السياق، أورد الاكراري صهريج الركادة ضمن مآثر القائد عياد الجراري، لكنه لم يذكر تاريخ بنائه، واكتفى بإسناد أوصاف جميلة عن الصهريج قائلا: “ومنها إحداث الصهريج، الذي لا ند له في هذا الصقع المريج، وقد جلب إليه الحوت، بحيلة ليس بها يموت، ونقل إليه غريب الأشجار، من بعيد الأسفار، بهمة عالية، وأثمان غالية، قصدا لتفريج الهموم، ودفعا لزنابير الغموم، ونفعا للخواص والعموم..[1]
دفع إعجاب الإكراري، المقرب من القائد عياد، بصهريج الركادة، الى درجة مقارنته بقصر “الباهية” بمراكش، أي قصر الوزير احمد بن موسى المعروف ب “باحماد” قائلا: “ثم بنى عليه بناء يزري بالبهيا، اذ كان عليها في الدرجة العليا، بكونه على الفضا، مشرفا على الإضا، والبهيا محيطة بالجدات، مغموسة في الحجرات، فكان النظر في هذا أوسع، وفي البهيا أبشع، وفي هذا أنفع، وفي تلك أكتع، فجر عليها ذيل التيه، اذ كانت كالمحبوس في التيه”.[2]
وحسب نفس المصدر، فإن أبعاد الصهريج، أي الطول والعرض، فقد كانت كما يلي: “في الصهريج من الأذرع (وحدة قياس تعادل نصف متر) من الجوف للقبلة 154ومن الشمال للجنوب ومن الشمال للجنوب 176 بذراع متوسط من الرجال ليس بالقصير ولا بالطوال”..[3] ومن خلال هذه المعطيات، يمكننا أن نستنتج أن طول الصهريج يناهز 88 متر، فيما يبلغ العرض 77 متر، وبالتالي فإن مساحة الصهريج هي: 6776 متر مربع، في حين يتعذر حساب حجم الصهريج، لأننا لا نتوفر على قياس عمق الحوض..
مناقشة هذا المقال