وجهة نظر : المقاهي الثقافية والصالونات الأدبية والإجابة على الاسئلة المطروحة .

بقلم الحسن بومهدي
شهد شهر رمضان المبارك هذه السنة ظروف إستثنائية على جميع ومختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية الثقافية والنفسية للمواطنات والمواطنين بسبب كورونا الذي أثر وغير من سلوك وتعامل كل أفراد ومجموعات المجتمع. ومن هنا يمكن أن نلاحظ تأقلم الكل او على الاقل الاغلبية مع التغيرات والتحولات التي أحدثها هذا الوباء.
ومن محاسن هذا الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا ،ويمكن سرد مجموعة منها لا الحصر، التفكير في أنواع وأشكال جديدة للتواصل وخلق أساليب جديد لضمان استمرارية الفعل الثقافي الرمضاني وخاصة في إطار المقهى الثقافي الذي ينظمه مركز اتيگ للدراسات والإعلام بشراكة شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب وكل من فضاء اسرير وجمعية امودو ونبض المجتمع وكل المدعمين لهذا المشروع الثقافي التربوي الذي عرف انطلاقه مند خمس سنوات اي رمضان 2015/1437،حيث كان أول مقهى ثقافي بشكل مباشر وبحضور فعلي وجسدي للظيوف المتدخلين في محاور ومواضيعمختلفة و مشاركين من الحضور المهتم والمشارك والتفاعل مباشرة مع النقاش في قضايا مختلفة آخرها الشأن العام المحلي والإقليمي والجهوي اظافة إلى معالجة ملفات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية بحضور المثقفين و السياسيين والنقابيين والحقوقيين من ختلف المشارب الفكرية والسياسية المحلية والوطنية بماشركة كذلك نساء و شباب من مختلف المكونات الجمعوية والمدنية بالمدينة و الإقليم.
كل المحطات التي شهذها هذا الملتقى الثقافي الرمضاني مند تأسيس إلى الآن، عرف تراكمات مهمة يستوجب التدقيق والتمحيص في مضامين كل النقاشات والخروج بمجموعة من الخلاصات وهي :
1_تسجيل حاجة ملحة لفضاءات أخرى تستوعب النقاش العمومي والاختلاف خارج المقرات المغلقة و التوجهات الحزبية الضيقة التي تبعد المنتمين والمتعاطفين على متابعة كل النقاشات التنظيمية والسياسية وحتى الثقافية اظافة إلى تراجع النخب المثقفة من تحمل المسؤولية داخل هذه التنظيمات الحزبية وخاصة الديمقراطية منها.
2_هناك علاقة تأثير وتأثر بالاوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالعمل السياسي الذي اقتصر على الانتخابات فقط دون غيرها، بحيث تم اختزال العمل الحزبي المؤطر للمواطنات والمواطنين يتم في لحظة وجيزة مرتبطة بالانتخابات سواء كانت محلية اواقليمي و جهوية و وطنية وفق ما تسنه السلطات العمومية المختصة.
3_خلق ثقافة جديدة بسبب التشتت والتشردم الذي يعيشه المجتمع بجميع مكوناته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهذا يمكن اعتباره فرزا طبيعيا لفئات وطبقات اجتماعية جديدة نظرا للتحولات التي عرفها العالم الذي أصبح قرية صغيرة بفضل التطور التكنولوجي وخاصة في مجال شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الغير الموجهة والمتحكم فيها من قبل الأنظمة السياسية، وبالتالي ضمان حرية تنقل المعلومة والأفكار والنقاش في الفضاء الأزرق دون قيود ولاشروط رغم محاولات يائسة من قبل بعض الحكومات تكميم الأفواه
(نمودج مشروع قانون 22.20 بالمغرب في فترة حالة الطوارئ الصحية بسبب فيروس كورونا).
4_نحن في مرحلة مخاض فكري وسياسي للإجابة على مجموعة من الأسئلة المطروحة على كل المثقفين و السياسيين وكذلك على الممارسين للفعل الميداني في التدبير والتسيير داخل مختلف المواقع إنتاج القرار و السياسات العمومية الناجعة لارجاع التقة إلى المواطن مع المؤسسات، وهذا لن يتأتى الا ادا كانت هناك عملية الاشراك الحقيقي في بلورة هذه السياسات رغم ان هذا ما جاء به دستور 2011 لكن دون تفعيله.
5_البعد الحقيق للمقاهي الثقافية، ليس هو الطرف الفكري والجدال من أجل النقاش ،بل يمكن اعتباره مساهمة في بلورة افكار وتصورات مختلفة من مفكرين ومثقفين و سياسيين ومدنيين، وهو بمثابة بداية نقاش عمومي ، يروم إلى خلق دينامية جديدة مشتركة بين الفاعلين المجتمعيين بمختلف مشاربهم الفكرية والسياسية لبلورة افكار ومشاريع سياسية واقتصادية وثقافية وبيئية للإجابة على مجموعة من الإشكالات المطروحة داخل المجتمع و الانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة الممارسة، لدى يستوجب على كل هذه المكونات المتوفرة على هذه الامكانيات والطاقات ان تجتمع وتبلور مشروع مجتمعي جديد يشارك ويتعايش فيه الجميع كل حسب موقعه ومسؤولياته ودوره في التغيير لما هو احسن.