Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

هل يُخل رواج “الأفلام التجارية” في القاعات بجودة الإنتاجات السينمائية المغربية؟

شهدت السينما المغربية في السنوات الأخيرة تبايناً واضحا على مستوى الأفلام التي تقدمها للجمهور، ففي وقت تحظى الأفلام الكوميدية بإقبال جماهيري كبير وتستمر في العرض لفترات طويلة داخل قاعات السينما تواجه الأفلام الروائية تحديات كبيرة من حيث الجذب والاستمرارية، ما يجعل البعض منها يغادر سريعا بسبب ضعف الإقبال أو انعدامه في بعض الأحيان.

وتعتمد الأفلام الكوميدية على إستراتيجيات تسويقية قوية، سواء من خلال الإعلانات أو من خلال النجوم المعروفين الذين يتمتعون بشعبية كبيرة، وهذا يسهم في زيادة الحضور في القاعات السينمائية واستمرارية العرض على مدار أشهر طويلة، ما يجعل المنتجين يتهافتون عليها ويعتمدونها كمصدر رئيسي للإيرادات والربح المادي، دون اكتراث بجودتها وتوفرها على مقومات الصناعة السينمائية.

في هذا الصدد قال الناقد السينمائي المغربي عبد الكريم واكريم إنه “من المفروض حينما تكون هنالك صناعة سينمائية حقيقية أن يجد مرتادو القاعات السينمائية التجارية أنواعا من الأفلام تلبي انتظارات شرائح مختلفة من المتفرجين، على غرار السينما الأمريكية على سبيل المثال، أو السينما الأوروبية”، مضيفا أن “هذا الأمر يختلف عندنا، إذ إن الانتعاشة التي شهدتها السينما المغربية في الألفية الثالثة أفرزت نوعيتين من الأفلام فقط، الأولى تذهب للمهرجانات وقد تنال جوائز، وهي تتوفر على مقومات الفيلم السينمائي الحقيقي، لكنها لا يقبل عليها الموزعون وأصحاب القاعات السينمائية في المغرب، وحتى إن عرضت في القاعات التجارية لا توفر لها الشروط لكي تصمد طويلا، إذ لا يتجاوز عرضها الأسبوع الواحد في أغلب الأحيان”.

وتابع المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، بأن “النوعية الثانية في أغلبها عبارة عن أفلام كوميدية بسيطة لا تتوفر فيها لا شروط ومكونات العمل السينمائي الحقيقي، ولا شروط النوع الكوميدي، وهي التي تظل في القاعات لأسابيع طويلة وترصد لها دعاية مهمة ويستقطب إليها مؤثرون في مواقع التواصل الاجتماعي لكي يجلبوا متابعيهم إليها”.

وأبرز واكريم أن “ما ينفع السينما المغربية الآن، وما تحتاج إليه لكي يتم الرقي بذوق المشاهد عوض تبليده وتكريس الذوق الرديء بأشباه أفلام، هو نوع ثالث من الأفلام تتحقق فيها الفرجة مع الحد الأدنى من شروط العمل السينمائي واحترام ذكاء المشاهد المغربي الذي توجد منه شرائح كثيرة تنتظر أن يقدم لها عمل محترم لكي تشاهده؛ أما الأفلام الفنية فحتى لو رفض الموزع أن يعرضها يجب أن ترصد لها قاعات كما نرى في أوروبا تعرضها لأن لها أيضا جمهورها”، وفق تعبيره.

وأشار الناقد المغربي إلى أنه “لا يمكن نفي أن ما يعرض حاليا من أفلام مغربية يساهم في انتعاش القاعات ولو بشكل موسمي”، مضيفا أن “هنالك بعض المنتجين الخواص أصبحوا يدخلون الميدان ولو باحتشام، رغم أن ما نشاهده الآن بعيد عن الصناعة السينمائية كما يحب أن تكون، التي لن تتحقق سوى باكتمال دورة الأفلام المنتجة بالاستغلال في القاعات لكي تسترد ما صرف عليها وتربح أيضا”.

كما شدد عبد الكريم واكريم، في السياق ذاته، على أن “هناك العديد من المدن المغربية التي مازالت بدون قاعات سينمائية اليوم، وهو أمر جد مؤسف يتطلب ضرورة الاشتغال عليه لكي تنتعش السينما المغربية”.

من جهته قال المخرج المغربي فوزي بنسعيدي إنه لا مشكلة لديه في رواج الأفلام المغربية التجارية في القاعات، موضحا أن “هذا التواجد جيد جدا، لكن الجميل هو أن تتواجد جميع الأجناس دون إقصاء بعضها، خصوصا الأفلام التي تطلب من الجمهور أن يكون حاضرا بذكائه، وهي أفلام تتطلب نوعا من الوقت لتجد عشاقها، ويجب أن تترك في القاعات لكي يحدث نقاش حولها وتربية الذوق”.

وتابع المتحدث ذاته، في حديثه لهسبريس، بأنه “من الواجب الحرص على حضور الأفلام الروائية أيضا في القاعات وفق الحضور نفسه الذي تحققه الأفلام التجارية، وألا يسير الكل في التوجه نفسه حول نوعية محددة من الأفلام التي يكون أحيانا همها هو الربح التجاري”.

بدوره قال المخرج المغربي عادل الفاضيلي، في تصريح لهسبريس، إن “الأعمال التجارية مهمة لكي تجلب الجمهور للقاعات ولمشاهدة الأفلام الأخرى أيضا”، مضيفا أن “الأفلام التجارية متواجدة في العالم بأكمله، على غرار فرنسا وغيرها من الدول المختصة في إنتاج الأفلام الروائية، لكنها تقدم إلى جانب ذلك هذا النوع من الأعمال الكوميدية التي تأتي بهدف تجاري ومن أجل الترويج لأخرى على حسابها”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.