Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

ملاحظات أولية في شأن الاحتفال بالسنة الامازيغية : هل يعيش الأمازيغ خارج الدولة ؟

بقلم عبدالله بوشطارت

ما يمكن أن نستشفه من خلال هذا الاحتفال الكثيف بتخليد رأس السنة الامازيغية 2970، بعجالة هو مايلي:

1 / تزايد الزخم الاحتفالي الباهر والمتنوع برأس السنة الامازيغية، بشكل ملفت للانتباه، وظهور احتفالات في الساحات العمومية وداخل القاعات والفضاءات الجمعوية والشوارع وامام المؤسسات الرسمية خاصة البرلمان، إضافة إلى الدواوير والمداشر الصغرى، وارتفاع ملحوظ في عدد الجمعيات المنظمة مع تسجيل اختلاف اهتمامات هذه الجمعيات.

2 / ظهور نوع من الاحتفالات شبه الرسمية بالرغم من تنظيمها باسم إطارات جمعوية، ولكن تحظى برعاية وتمويل رسمي من الإدارة الترابية، كحضور بعض العمال والولاة للأمسيات والسهرات، وهو ما يفسر بتوجه السلطة إلى احتواء الاحتفال ومراقبته وتوظيفه ضمن الاليات التي تعتمدها السلطة لمراقبة حيوية المجتمع فيما يرتبط بالشأن الثقافي ذات الرمزية التاريخية والحضارية، عكس ما كان معروفا عنها في السنوات الماضية، حيث يتم مقاطعة احتفالات رأس السنة الأمازيغية، باعتبارها لا تدخل في الاحتفالات الرسمية أو المخزنية.

3 / تنافس وتسابق حزبي مفضوح لاستغلال مظاهر الاحتفال باعتبارها تستقطب عددا كبيرا ومتزايدا من الجمهور من مختلف الفئات، وتجرأت بعض الأحزاب إلى تنظيم احتفالات مختلفة باسم الحزب وتم سحب البساط من العمل الجمعوي، عكس ما هو معمول به سابقا، حيث تعمل جمعيات موالية لأوساط حزبية، خاصة الأحزاب القريبة من السلطة والإدارة، وقد وصل هذا التنافس إلى حدته في مدينة تيزنيت بين الاحرار والعدالة والتنمية حيث تم تنظيم احتفالات في نفس الوقت خلال يومي السبت والأحد الماضيين، إلى درجة، لم تستطع الساكنة التمييز بين الجهة المنظمة بكثرة المواعيد الثقافية وازدحام السهرات مما خلق نوعا من الفوضى تفضح نزوع هذه الأحزاب نحو الركوب على هذه الاحتفالات بالرغم من مسؤوليتها الحكومية في تأخير الاعتراف الرسمي برأس السنة الامازيغية. وتتسابق أحزاب أخرى للاحتفال بالسنة الأمازيغية كحزب الاستقلال بالرغم من ايديولوجيتها المعادية للامازيغية، دليل على شعورها بالحرج. وهذا يعطينا مؤشرا دالا على أن الأحزاب سحبت البساط من الجمعيات الثقافية والمدنية بعد تمرير القانون التنظيمي لتفعيل طابع الرسمية على الامازيغية، للاسغلال القضية في رتق بكارة الأحزاب المنهكة التي أصيبت بنزيف إيديولوجي وتيه نظري سبب لها متاعب كثيرة مع الشعب، وتحاول هذه الأحزاب احتواء قضية تامزيغت من خلال استغلال الرصيد النضالي لبعض الفاعلين، لسد هذا الفراغ المهول واختصار المسافات في التسابق نحو انتخابات 2021.

3 ظهور فئة جديدة من المجتمع تنظم احتفالات رأس السنة الامازيغية ببعض المدن الكبرى، وهي فئة التجار الصغار، في مدن البيضاء والمحمدية وبرشيد وخريبكة، هذه الفئة بالرغم من عزوفها الثقافي والسياسي المعروف وعدم اهتمامها بالقضية الامازيغية وضعف انخراطها في العمل الجمعوي المدني للدفاع عن القضية الامازيغية، بالرغم مما تعانيه هذه الفئة من ضيم وقهر وظلم ثقافي وتمييز، إلا أن هؤلاء البقالين يتحمسون بحرارة لتنظيم سهرات السنة الامازيغية في هذه المدن، داخل القاعات العمومية، وهو عمل جبار يجب التنويه به، أملا في أن يتطور ويتعزز بوعي ثقافي عميق، وينخرط التجار في الدينامية الثقافية والسياسية الامازيغية في المدن التي هاجروا إليها. وهذا معطى مهم يجب استثماره في المدن التي يهاجر إليها الأمازيغ فيما ينعش اللغة والثقافة الامازيغيتين في السهول، لتعويض ما تقتله الهجرة من روابط مع مسقط الرأس في الجبل.

4 تنظيم سهرات عمومية وجماهيرية بمدينة أنفا (الدار البيضاء) يعد مكسبا مهما ونقطة تحول من شانها المساهمة في تحريك الوعي الامازيغي وتجذيره في هذه المدينة الهائلة بالامازيغ والتي تعتبر من بين أكبر المدن او التجمعات الحضرية التي يقطن بها أكبر عدد من الامازيغ في العالم بعد مدينة باريس، وهذا ما يعطي للدينامية الامازيغية امتدادا ثقافيا واجتماعيا في المدن الاقتصادية والصناعية الكبرى.. أملا في أن تظهر احتفالات موازية ضخمة في مدن كبرى كمراكش وطنجة والرباط وفاس ووجدة ومكناس والراشيدية والداخلة والعيون…..

5 انتشار الوعي والتخليد والاحتفال بالسنة الامازيغية داخل تجمعات جماهيرية جديدة وهي مجموعات الإلترا، بالإضافة إلى الترا إيمازغن التي تشجع فريق حسنية أكادير، ظهرت مجموعات أخرى كجماهير نهضة بركان، وتهنئة صفحات رسمية الكترونية لفرق الرجاء والوداد البيضاويين للأمازيغ العالم، دليل على أن الامازيغ فرضوا احتفالاتهم وخطابهم على جميع مرتادي منصات التواصل الفوري والاجتماعي، ووصل خطابهم إلى الشعب المغربي بجميع فئاته وحساسياته وتشكيلاته. وكما تتنافس الأحزاب نحو التسابق لتحية الامازيغ بالسنة الأمازيغية، تتنافس الفرق الرياضية ويتنافس الفنانون والشركات الاقتصادية الكبرى…

6 ارتفاع اهتمام الجالية الامازيغية في الخارج بتنظيم احتفالات كبرى بمناسبة السنة الامازيغية الجديدة، ولم تقتصر على الدول التقليدية المستقبلة للامازيع المهاجرين كفرنسا وبلجيكا، فقد عمت الاحتفالات خلال السنوات الأخيرة دول أخرى كايطاليا وهولندا واسبانيا، ولأول مرة نظمت الجالية الامازيغية بالجزر الكناري احتفالات السنة الامازيغية في جزيرة فينتيفينتورا، حضر فيها أمازيغ المغرب من الريف والأطلس وسوس بالإضافة إلى امازيغ الجزر الكناري، الگوانش، وهذه مبادرة جديرة بالاهتمام، تظهر مدى برزو النهضة الامازيغية بين الشعوب الأمازيغية.

خلاصة:
أمام كل هذا، وأمام كل هذه الاحتفالات الكثيرة والمتنوعة، ما الذي تنتظره الدولة المغربية في اعلان رسمية رأس السنة الامازيغية؟
هل تريد أن تعطي صورة مفادها أن الامازيغ في المغرب يعيشون بدون دولة؟
طنجة فاتح يناير 2970.
ع بوشطارت

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.