مغنون مغاربة يحاربون شبح “البطالة الفنية” بالأعراس والنوادي الليلية
شهدت السنوات الأخيرة تحوّلًا ملحوظًا في توجهات الفنانين المغاربة نحو سوق الأعراس والحفلات بالنوادي الليلية، في ظل تقلص عدد المهرجانات والفعاليات الثقافية واعتمادها في بعض الأحيان على الوجوه نفسها مع إقصاء أخرى. ومن ثم، فإن هذا التحول يأتي كوسيلة لمحاربة البطالة وضمان المدخول المادي، إضافة إلى ضمان الاستمرارية في المشهد الفني.
وعلى الرغم من الانتقادات التي تلاحق هؤلاء الفنانين من الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي، فإن الأعراس والحفلات الخاصة أصبحت ملاذا للعديد من الفنانين لتأمين دخل ثابت وقار لهم في ظل التحولات الاجتماعية.
وفي هذا السياق، قال أيوب ترابي، الأمين العام للنقابة المهنية لحماية ودعم الفنان، إنه تتبع، بصفته مسؤولا عن هيئة نقابية ذات أكبر تمثيلية بالمغرب وبحكم أن هذه النقابة شاملة لجميع الفنون، في الآونة الأخيرة، الساحة الفنية عن قرب ولاحظ حسب الإحصائيات السنوية أن معظم الفنانين من شتى الدرجات وكذلك الملتحقين الجدد بالمهن الفنية أصبحوا يركزون على السهرات والحفلات الخاصة من أجل البحث عن مدخول مالي كافٍ لسد حاجياتهم اليومية هم وأسرهم.
وتابع الأمين العام للنقابة المهنية لحماية ودعم الفنان، في تصريح لهسبريس، أن هاته الظاهرة، التي انتشرت بسرعة في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد الأزمة الخانقة التي ألمت القطاع الفني (جائحة كورونا) والتي كان لديها تأثير سلبي كبير على القطاع الفني والمهنيين، دفعت معظم الفنانين إلى البحث عن بدائل جديدة لتلبية حاجياتهم وتحقيق طموحاتهم.
وأبرز المتحدث ذاته أن هذه الأعمال قد تساهم أيضا في فقدان الفنان النجم لقيمته الحقيقية داخل سوق الشغل، بحكم أنه يصبح قريبا من الجمهور وفي تواصل دائم عبر الحفلات والسهرات الخاصة من أعراس وملاهٍ ليلية.
وأشار ترابي إلى أن لجوء الفنانين إلى سوق الأعراس والحفلات الخاصة راجع إلى التراجع الكبير الذي شهده المجال، خاصة على مستوى المهرجانات الوطنية التي أصبحت منصات للمنافسة وليس للشغل، مسجلا أن الفنان أصبح يستغل من طرف المنظم ويشتغل بثمن بخس أقل بكثير عن باقي الفنانين الذين يعتبرهم منافسين له لكي يعطي انطباعا وصورة عن وجوده كرقم فني في الساحة الفنية.
واستنكر المسؤول النقابي هذا الوضع، مشددا على أن “هذه الوضعية لا تبشر بالخير ولا يمكن أن تستمر دون ايجاد حلول مناسبة ومستعجلة للحفاظ على استمرارية نجاح الفنان “النجم” وقيمته في الساحة الفنية”.
ناشد أيوب ترابي، في ختام حديثه مع هسبريس، المسؤولين عن القطاع والقطاعات الشريكة المختلفة (وزارة الداخلية، وزارة السياحة، وزارة الثقافة، وزارة الصحة، المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة)، بضبط زمام الأمور فيما يخص الفنادق المصنفة والملاهي الليلية والمطاعم، التي تشغل الفنانين الموسيقيين بدون تغطية صحية ولا عقود عمل تضمن للمهني الاستقرار النفسي والمالي والاجتماعي والمهني، بمعنى استغلال الفنان ونجوميته كل الاستغلال وبدون أبسط الحقوق التي يحتاجها الفنان المغربي”.
من جهته، قال مفيد السباعي، منتج وفاعل في القطاع الفني مسؤول عن إدارة أعمال عدد من الفنانين المغاربة، إن وجود الفنانين في الأعراس أمر عادي جدا من أجل توفير مدخول مادي قادر على إعالتهم على مدار السنة وينتجون به أعمالا فنية.
وأضاف السباعي، في تصريح لهسبريس، أن توجه الفنانين إلى هذا النوع من الحفلات ينقذ من لا تتاح لهم الفرصة للاشتغال في المهرجانات الكبرى من البطالة، وهذا لا عيب فيه.
وتابع المنتج والفاعل في القطاع الفني والمسؤول عن إدارة أعمال عدد من الفنانين المغاربة أن الفنان يملك عملا واحدا هو الغناء، فإذا لم تتوفر الفرص في مهرجانات أو أعراس وحفلات خاصة فلن يكون له مدخول؛ لذلك من الجيد أن ينفتح على جميع الأسواق من أجل الاشتغال.
وأبرز المتحدث ذاته أن موضة لدى العائلات أصبحت، حاليا، تنبني على إحضار الفنانين المشهورين للأعراس من أجل إحيائها والتباهي بذلك، موضحا أن هذا موجود على الصعيد العالمي وليس المغربي فقط.
وأشار السباعي إلى أن هناك من الفنانين من لا يقبل بالظهور في الأعراس والحفلات الخاصة والمطاعم والملاهي الليلية كمبدأ فقط، ويفضل الاشتغال في شيء آخر من أجل توفير المدخول المادي.
وقالت الفنانة هاجر عدنان إنها لا تمانع الغناء في الأعراس ولا مشكلة لديها بهذا الخصوص؛ لأنها مثل باقي الحفلات الأخرى، لافتة إلى أنها اختارت مؤخرا طرح أغانٍ موجهة لنمط الأعراس؛ لأن هذا الأخير يشبهها ونمط تحبه لحمله الطاقة الإيجابية والنشاط.
وتابعت عدنان، في حديثها مع هسبريس، أن هناك نجوما كبارا في المغرب مختصون في إحياء الأعراس، مثل الفنان عبد الرحيم الصويري وثلة من الفنانين ذوي الأجور العالية جدا؛ لكنها تفضّل المهرجانات والحفلات الفنية من ناحية الأجور.