Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

مصطفى المنوزي: سراب السلطة الموازية ووهم دولة الصحافيين.

أستغرب لبعض الصحافيين الذين يعلنون أنفسهم أوصياء على المثقفين والمناضلين والحقوقيين والمحاميين والمؤرخين ، وهم يتوهمون أن تكرار نفس المعطيات التي قالوها واجتروها منذ حلول رجال العهد الجديد / المستمر ، وهم لا يجرؤون على الاعتراف بأنهم لا يستطيعون الكتابة عن أشياء أخرى غير إعادة تلويك تاريخ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أو تاريخ الانشقاقات الموازية لمساره ، فكم مرة قتلوا حزب القوات الشعبية ثم عادوا ليحيوه بمناسبة أو غير مناسبة للنبش في ثنايا ما تبقى من نبض لا ينضب ، هي أقلام تشحذ إمعانا في محاولة لاستئصال « الفكرة الاتحادية » التي لن تموت بانحراف الأشخاص أو برغبة « الجلاد » الذي يسكن التمثلات والأحلام والأمنيات ، وكلنا يعلم الشروط المصاحبة لميلاد ما يسمى بالصحافة المستقلة عن الأحزاب ، والتمويل الهائل الذي خصص لتشغيل « طواقم » و« جحافل » من خارج الجسم الإعلامي المهني والنزيه ، لذلك فكل ما يكتب عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، أغلبه « حق » أريد به باطل ، فالمناضلون والمناضلات الحقيقيون يعلمون جيدا خلفيات هذه الحملات ، وهم الذين صارعوا الانحراف منذ المؤتمر الوطني الثالث لسنة 1978 والذي انطلقت معه بوادر التحريفية ومحاولات اجتثات البعد الاجتماعي من الهوية الاتحادية ، والتركيز على « التاكتيك » الانتخابي الذي تحول الى خيار استراتيجي تحت شعار « المقاعد لا تهمنا » ، وهو في الواقع كان رشوة سياسية من تداعياتها تحويل فروع الحزب إلى ضيعات وإقطاعيات تابعة للجماعات ، وتم استقطاب أعيان والذين تحولوا بالتدريج إلى كتاب أقاليم ثم إلى « قادة » في المكتب السياسي يتزعمون « انشقاقات » بعلة أن القيادة الحالية احرفت عن « مبادئ» الحزب ، وهي بذلك قد تكون صادقة إذا كان المقصود بالانحراف الجنوح عن خيارات الحزب المنشود كوكالة انتخابية ، مادام الصراع غير متعلق بالفكرة الاتحادية وبالتقرير الايديولوجي الذي فشل « قياديو » المؤتمر الرابع في إبادة وتبديد معالمه المرجعية أي الفكرية والسياسية ، فلتكن لنا الجرأة للقول بأن الخلود وهم وايديولوجيا وأن الموت حق وله آجاله الافتراضية ولكن في جميع الحالات لا يعقل استعمال « الحقيقة الإعلامية » سلاحا للإعدام قبل الأوان ، فحتى القتل الرمزي أو الرحيم لهما شروطهما ، وهي أن يتوفر « القاتل » على الأهلية و الصفة والمصلحة المشروعة ، وأن يتحلى بالنزاهة الفكرية خارج منطق الارتزاق والتبعية للجلاد « التاريخي » الذي يسكن غريزة البقاء ولو على الأنقاض ، فليستمر الصراع فكريا /سلميا / حضاريا / الديمقراطي ، ولنؤمن بقانون نفي النفي بدل ناموس النفي المطلقة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.