لنحلم تحت زخات المطر…
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ، أكادير.
لم يكن ممكنا الكتابة عن واقعنا و ازمتنا و تقلبات مجتمعنا ونحن في قلب أجواء ممطرة و ثلوج غير مسبوقة ،
كان لابد لنا أن نرفع ادرعنا للخالق شاكرين هذه النعمة والتي نستبشر بها خيرا ، و نفتح لانفسنا آمالا بأن كثيرا من اسباب الأزمة ستزول بأمطار الخير ،
حتى المتربصون بالدولة ،المبخسون لخطواتها ، حملوا هواتفهم بعد ساعات من محاصرة الثلوج لمناطق واحياء جبلية يحاولون إرسال رسالة ان الدولة غائبة عن نجدة المواطنين ،
لكن باءت محاولتهم بالفشل بعد ان تحركت مؤسسة محمد الخامس للتضامن و الجيش الملكي وكل مكونات الدولة ،وقامت بكل ما تمليه مثل هذه الأوضاع من تدخل ، وكان تحركا مثمرا و ايجابيا.
نحن نطمع في المزيد من الأمطار ، وإيماننا بالله قوي ،أن تكون هذه الأمطار رحمة لكل الشعب ، فتكفينا آثار حرب روسيا على اوكرانيا ، و مناوشات الجارة الطبونية ، و مشاكسات الإتحاد الأوروبي….
لقد أزاح الله عنا الجفاف ، و ما على الدولة اليوم سوى ان تعيد ترتيب اوراقها لوضع تدابير محكمة لتجاوز الأزمة و الاستفادة من هذه التساقطات لضمان موسم فلاحي ناجح قادر ان يعيد اسعار الخضر و الفواكه واللحوم الى مستواها الطبيعي ، فالارض توفر الكلأ للبهائم ، الثمار للمواطنين وبذلك يتحقق جزء مهم من الدورة الغدائية .
رمضان على الأبواب ، سينكمش المواطنون ، وسيعيشون شهرا من الروحانيات و “الشهيوات”, وبعدها نعود الى دوامة الانتظارات….
سيكون مهما التأكيد على أن من بين الخطوات المهمة التي يجب ان يقبل عليها المواطن في إطار انخراطه في معالجة الأزمة ،هو أن يعيد النظر في نظام استهلاكه دون ان يعني ذلك دعوة للتقشف ، بل المطلوب التركيز على الضروريات ،و الحرص ان يكون شهر رمضان شهر صيام و تعبد و قيام لليل بدل البذخ في الأكل ، و التطرف في الاستهلاك.
و الدولة مطالبة ان تواصل حملاتها لحماية المستهلك ، وان تخفض الأسعار قبل التفكير في مراقبتها …
وسيكون من نافل القول التأكيد على أن مصير المغرب بين يديه ، فالمغرب يكون دوما قويا حين تمطر سمائه ، و تزهر حقوله ، و تسقى اشجاره ، و تروى سدوده و ماشيته و دواشره…
كما سيكون مفيدا لتكريس عنصر الثقة بين الحكومة و المواطنين أن نقدم تقريرا عن برنامج المغرب الاخضر ،ما تحقق منه وما لم يتحقق ، و التعجيل بتعميم التغطية الاجتماعية ، و وتحيين ميزانية السنة الجارية على ضوء حصيلة الأمطار و تقلبات الأزمة العالمية.
كما ابانت الأمطار الأخيرة عن ضرورة التعجيل باستكمال البرنامج الوطني لبناء السدود ، والتفكير بكل جدية في فتح مناطق جديدة للمقاولات الفلاحية عبر احداث مناطق زراعية جديدة ،مع التنويه بالمنطقة الفلاحية التي سترى النور نواحي الداخلة.
إن الحرب على اوكرانيا رغم ما تسببه اليوم من أزمة على بلادنا ،فإنها إن طالت و امتدت خارج اوكرانيا ،فقد تتسبب في هجرة مضادة من اوروبا اتجاه افريقيا هروبا من الحرب ، كما أن هذه الحرب تستنزف القوى الأوروبية ومعها امريكا و روسيا ، و ستحتاج اوروبا غدا للمغرب لتأمين الامن الغدائي لدولها ،مع ما يعنيه ذلك من تقوية مداخيل المغرب من العملة الصعبة التي تجعل منه دولة قد تفوق في نموها بعد الدول الأوروبية.
الأمطار غسلت جزءا من ازمتنا ،لكن الخضرة والعيون الجارية لا يجب أن تبهرنا و تغيب وعينا بأن بلادنا تحتاج بالفعل الى خطة إصلاحية قادرة على انتشال بلادنا من التضخم و من ارتفاع المديونية الخارجية ، و حاجة المغرب للغاز و الوقود ،
وسيكون من المطلوب إعادة قراءة مشروع البرنامج التنموي الجديد أخدا بعين الاعتبار مخلفات جائحة كورونا و تداعيات الحرب.
مادامت قد امطرت ، فمن حقنا ان نحلم ان تكون بلادنا بخير ، وهو حلم يكبر كلما احسسنا ان الدولة تقوم بمصاحبتنا في هذا الحلم عبر وضع سياسات استباقية قادرة على خلق التوازن لاقتصادنا و مجتمعنا.
الافق باسم …هكذا تقول الأمطار ،
والاصلاح حاسم و هذا ما نطالب به الحكومة
فهل تعتبرون ؟