لماذا يتعامل رئيس مجلس جماعة تيزنيت بعقلية إقصائية؟
بقلم سعيد اوزبير
قبل الخوض في هذا الموضوع والجواب على هذا السؤال الإشكالية، يتوجب علينا تحديد بعض المصطلحات والمفاهيم لنجعل الأمور أكثر وضوحا، وفي البداية فإننا نحدد مفهوم السياسة على كونها الأخلاق والمبادئ والسعي الحثيث لتحقيق الرفاهية والتقدم لأي مجتمع وخدمة الصالح العام بالطرق المشروعة وذلك وفق تعريف المفكرين والفلاسفة أمثال مونتيسكيو، فوكو، إبن خلدون وغيرهم من عظماء الفكر والفلسفة وليس وفق التعريف السائد لدى عامة الناس نتيجة ممارسة “ممتهني” السياسة أو وفق نظرة ميكافيلي، كما يتوجب علينا تحديد تعريف الكذب على أنه الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء كان عمدا أو خطأ، وفي الشريعة الإسلامية يعتبر الكذب من أقبح الأشياء وفق ما جاء في السيرة النبوية، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَرَادٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، هَلْ يَزْنِي الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ:” قَدْ يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ “. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَسْرِقُ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ:” قَدْ يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ “. قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَلْ يَكْذِبُ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: ” لَا “. ثُمَّ أَتْبَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ [النحل: 105].
وهذا الأمر يعتبر بليغا، لا سيما وربط الكذب بانعدام الإيمان، وإنني أرى أنه لا بد من هذا التمهيد للتموقع في المكان الصحيح وإنني لا أفتري على أحد وأدرك جيدا معنى الصدق والكذب وعواقبه، إنه لشيء مؤسف أن يتصرف السيد «إبراهيم بوغضن رئيس مجلس جماعة تيزنيت بعقلية إقصائية تتجاوز منطق تسيير الضيعات وإن كانت هذه الأخيرة لم تعد خارج القانون، مؤلم جدا أن تصدر تصرفات طائشة من رجل ذو مستوى أكاديمي وعلى رأس مؤسسة دستورية، يزداد الألم والحسرة والأسف إذا كان هذا الرئيس من حزب العدالة والتنمية الذي رفع شعار الإصلاح والديمقراطية، مؤسف أكثر بل موجع أن الرجل نائب برلماني تراود قدماه يوميا واحدة من أهم مؤسسات الدولة التي تعنى بالتشريع، في 29 نونبر 2018.
في إطار الاحترام التام لمؤسسات بلادي راسلت رئيس مجلس جماعة تيزنيت قصد الحصول على لائحة الحضور المتعلقة باجتماع يوم 28 نونبر 2018، المتعلق بتجديد ثلث المجتمع المدني بحظيرة اللجنة المحلية للتنمية البشرية الذي ترأسه نائبه محمد الشيخ بلا، ولما تعذر التوصل بأي جواب من رئاسة المجلس طالبت بلقاء الرئيس للحصول على الجواب فرفض استقبالي، بعدها تواصلت مع السيد مدير مصالح الجماعة يوم 21 دجنبر 2018 ،الذي نقل المعلومة للرئيس لكن دون نتيجة لأن الرئيس تعنت، وفي 25 دجنبر 2018، اتصل بي هاتفيا السيد مدير مصالح الجماعة للتأكيد على ضرورة التواصل مع الرئيس للحصول على الوثيقة المطلوبة والتي أصدر فيها الرئيس تعليمات بعدم منحي إياها دون الرد والجواب على مراسلتي، وفي 28 دجنبر 2018 ، انتقلت حوالي الساعة الواحدة زوالا للاستفسار حول أسباب المنع وقد تزامن هذا اليوم مع انعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي، وبعد انتهاء الفترة الصباحية تقدمت إلى رئيس المجلس الجماعي وقدمت له التحية والسلام ثم سألته عن مآل المراسلة وحاول في البداية كما العادة إنكاره بمعرفته بموضوع المراسلة وذكرته أنني وضعتها في مكتب الضبط و لدى الكتابة الخاصة للمجلس، فقال امنحني مزيدا من الوقت فقلت له كيف أمنحك الوقت وقد أعطيت تعليمات بعدم تمكيني من الوثيقة؟ فقلت لماذا هذا الكذب أيها الرئيس؟ عليك بالجواب على مراسلتي لأنك مسؤول عن مؤسسة دستورية فأجاب بأسلوب ينم عن عقلية إقصائية وقال بالحرف: “لن أجيب على المراسلة وسير للقضاء”، وأمام استغرابي لهذا السلوك ناقشت بعض أعضاء المجلس بخصوص هذا الأسلوب الأرعن والغارق في السلطوية، لكن للأسف الشديد لا أحد منهم يمتلك الجواب، وفي المساء حررت مراسلة التذكير بخصوص طلب الحصول على لائحة الحضور في الاجتماع السالف الذكر وفيما يلي نصها
” إلـــــــــــــــــى السيد رئيس مجلس جماعة تيزنيت
الموضوع: تذكير بخصوص طلب الحصول على لائحة الحضور بإجتماع 28 نونبر 2018 المخصص لتجديد ممثلي المجتمع المدني بحظيرة اللجنة المحلية للتنمية البشرية.
المرجع: الطلب المودع بمكتب الضبط منذ 29 نونبر 2018.
سلام تام بوجود مولانا الامام أما بعد،
علاقة بالموضوع والمرجع المشار إليهما أعلاه، وبناء على حضورنا في اجتماع 28 نونبر 2018 المخصص لتجديد ممثلي المجتمع المدني بحظيرة اللجنة المحلية للتنمية البشرية، ونظرا لتماطلكم في الجواب على المراسلة السابقة المشار إليها أعلاه، بل أمام رفضكم الجواب وفق ما صرحتم به في لقائي بكم على هامش الدورة الاستثنائية يوم 28 دجنبر 2018 (الفترة الصباحية) وطلبكم مني اللجوء للقضاء قصد الحصول على لائحة الحضور المطلوبة، أود تذكيركم أن تصرفكم غير قانوني و غير أخلاقي بل ويتنافى مع كل الخطابات الملكية الرامية إلى الرفع من نجاعة الإدارة، لهذا يتوجب علي تذكيركم بمقتطف من خطاب العرش لسنة 2017 ” وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم. والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل” أمام هذا الأسلوب اللاقانوني الذي تنهجونه كرئيس مجلس جماعي وقصد تجنيب الجماعة من أية تبعات قانونية، نطالبكم مرة أخرى من تمكيننا في أقرب وقت من لائحة الحضور أو التوصل بجواب كتابي بالرفض مع التعليل، وإلا فإن تصرفكم هذا يعتبر تعسفا بل ويؤكد على استهتاركم بالتوجهات الملكية ولا سيما خطاب العرش لسنة 2017، وإن اللجوء للقضاء ما هي إلا مسألة وقت لأننا في دولة المؤسسات والسلام،”
وقد قمت مجددا بإيداعها لدى مكتب الضبط على الساعة الثالثة والنصف مساء، ومباشرة بعد نهاية الفترة المسائية للدورة الاستثنائية للمجلس، توجهت إلى الرئيس لاطلاعه على أنني وضعت مراسلة التذكير في إطار الإحترام التام للقانون فكان جوابه بالحرف ” راسلني حتى أربع مرات لن أجيب على مراسلتك” وهنا ذكرته بأن تصرفه منافي للقانون بل ويعتبر استهتارا بالخطاب الملكي في مناسبة العرش سنة 2017، لكنه أبان وبرهن وبالملموس أنه شخص غير مسؤول، وهنا أتساءل أين تلك الأخلاق والشعارات الرنانة التي كانت ترفع في الماضي؟ أين حق المواطنين في الحصول على المعلومة؟ أين نحن من الخطابات الملكية؟ كيف لي أن أقتنع أنني في دولة الحق والقانون عندما يتصرف رئيس مجلس جماعي بهذه الطريقة؟ وفي الختام أتسأل ما جدوى السياسة إذا كانت ستضيع حقوق الناس وتبعدك من الله؟
وأدعو الجميع للتأمل في هذا الكلام الفيصل وهو مقتطف من خطاب العرش لسنة 2017 “
إن اختياراتنا التنموية تبقى عموما صائبة. إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع، فالتطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين، مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة. فعندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون، إلى الواجهة، للإستفادة سياسيا وإعلاميا، من المكاسب المحققة. أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الإختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه.
وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم. والواجب يقتضي أن يتلقى المواطنون أجوبة مقنعة، وفي آجال معقولة، عن تساؤلاتهم وشكاياتهم، مع ضرورة شرح الأسباب وتبرير القرارات، ولو بالرفض، الذي لا ينبغي أن يكون دون سند قانوني، وإنما لأنه مخالف للقانون، أو لأنه يجب على المواطن استكمال المساطر الجاري بها العمل.
وأمام هذا الوضع، فمن الحق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانون هم في واد، والشعب وهمومه في واد آخر؟ فممارسات بعض المسؤولين المنتخبين، تدفع عددا من المواطنين، وخاصة الشباب، للعزوف عن الانخراط في العمل السياسي، وعن المشاركة في الانتخابات. لأنهم بكل بساطة، لا يثقون في الطبقة السياسية، ولأن بعض الفاعلين أفسدوا السياسة، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل.”
وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟ لكل هؤلاء أقول:” كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا.
فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون. ولكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين. وأنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول … لأنه نابع من تفكير عميق. شعبي العزيز، إن مسؤولية وشرف خدمة المواطن، تمتد من الاستجابة لمطالبه البسيطة، إلى إنجاز المشاريع، صغيرة كانت، أو متوسطة، أو كبرى. وكما أقول دائما، ليس هناك فرق بين مشاريع صغيرة وأخرى كبيرة، وإنما هناك مشاريع تهدف لتلبية حاجيات المواطنين. فسواء كان المشروع في حي، أو دوار، أو مدينة أو جهة، أو يهم البلاد كلها، فهو يتوخى نفس الهدف، وهو خدمة المواطن.
وبالنسبة لي، حفر بئر، مثلا، وبناء سد، لهما نفس الأهمية بالنسبة للسكان. وما معنى المسؤولية، إذا غاب عن صاحبها أبسط شروطها، وهو الإنصات إلى انشغالات المواطنين؟ أنا لا أفهم كيف يستطيع أي مسؤول، لا يقوم بواجبه، أن يخرج من بيته، ويستقل سيارته، ويقف في الضوء الأحمر، وينظر إلى الناس، دون خجل ولا حياء، وهو يعلم بأنهم يعفون بانه ليس له ضمير. ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم، رغم أنهم يؤدون القسم أمام الله، والوطن، والملك، ولا يقومون بواجبهم؟ ألا يجدر أن تتم محاسبة أو إقالة أي مسؤول، إذا ثبت في حقه تقصير أو إخلال في النهوض بمهامه؟ “