الرباط:النادي الجراري يحتفل بالذكرى التسعين لتأسيسه 1930م/2020م.
بقلم: الأستاذ محمد أمداح .
توصلت من النادي الجراري بالرباط الذي يحتفل بالذكرى التسعين لتأسيسه 1930م/2020م بهدية متميزة عبارة عن الكتاب رقم 87 الذي أصدره تحت عنوان: «أضواء على مدينة تارودانت» للمؤلف الأستاذ الباحث محمد كسرير وهو عضو بمنتدى الأدب لمبدعي الجنوب بتارودانت، ذلكم النادي تربطه علاقة شراكة بالنادي الجراري بالرباط؛ حيث تعود الجذور التاريخية لتأسيسه إلى العلامة المرحوم الأستاذ عبد الله الجراري سنة 1930م والد الدكتور عميد الأدب والثقافة المغربية الدكتور عباس الجراري الذي يترأس هذا النادي حاليا.
قال الدكتور عباس الجراري في تقديمه للكتاب، «وإني لأنوه بالمؤلف الأستاذ الفاضل السيد محمد كسرير الذي ظهرت مهاراته على مستوى التدريس والتسيير الإداري وكل الأعمال التي أنجزها أو أشرف على إنجازها، بمعرفة وخبرة مشهود بهما له ،سواء منها ما يتعلق بالتربية والتعليم والبحت التاريخي، أو ما يتصل بالرياضة وفن الخط. ومنها عمله في هذا الكتاب الذي ألفه قبل نحو أربعة عقود، والذي أمل أن يقتدي به كل من يسعى إلى تلقين النشء تاريخ وطنه أو مدينته. كما آمل من المؤلف أن يواصل الكتابة عن سوس وحاضرتها الرودانية، بما جد فيها من تطور وتقدم ولاسيما في ظل صاحب الجلالة الملك محمد السادس ايده الله ونصره.
والكتاب الذي بين أيدينا الصادر عن مطبعة دار السلام للطباعة والنشر بالرباط سنة 2020م من الحجم المتوسط في 126 صفحة، أنجز غلافه الأستاذ الشاعر مولاي الحسن الحسيني، ومن تصفيف للموضوع للأستاذة سمية البرداوي.
الكتاب في تقديم مدير معهد محمد الخامس للتعليم الأصيل الأستاذ محمد عصامي تناول في معظم مضامينه تاريخ مدينة تارودانت منذ فترة ما قبل الإسلام، مرورا بمرحلة الفتح الإسلامي، ومرحلة الدولة الإدريسية، مرحلة الدولة المرابطية، مرحلة الموحدية وثورة ابن يدر الزكندري، ومرحلة الدولة المرينية، معرجا على الدولة السعدية وما رافقها من ظهور سلاطين بصموا على تاريخ الدولة بإنجازات، مذكرا بفترة محمد الشيخ السعدي ودوره في بناء أسس الدولة بعد فترة أبو عبد الله محمد القائم بأمر الله المعروف بالتكمدارتي خلال القرن السادس عشر، مرورا بما واكب ذلك من عدم اعترافه بتهنئة السلاطين العثمانيين له وكيف دبروا له مكيدة الاغتيال، عندما أوفدوا وفدا لتلكم الغاية، وكيف قام ابنه السلطان أحمد الغالب بتصفية ذلك الوفد العثماني الذي سيطر على الكنوز الدفينة للمدينة وقد استرد ابنه هذا في حرب حامية الوطيس هذه الغنائم.
كما تطرق الكتاب إلى فترة أحمد المنصور الذهبي الذي ازدهرت في عهده صناعة السكر المغربي الروداني وعزز المؤلف ذلك بصور تاريخية تليدة أثثت فضاء الكتاب، كما ذكر بالوباء الخطير الذي أتى على الأخضر واليابس في تلكم الفترة التاريخية وهو الذي فتك بحياة أحمد المنصور الذهبي، كما عرج قبل دخوله مرحلة تناوله تاريخ الدولة العلوية إلى الوقوف عند الصراع الحاحي بجبال درن بالأطلس الكبير الغربي والإمارة السملالية بجبال جزولة بالأطلس الصغير أي ما سمي في طُبونيما الأماكن بصراع حلفي تاحكات وتكُزولت، فتناول بالدرس والتحليل مرحلة الدولة العلوية بتارودانت خلال القرن السابع عشر مذكرا بفترات المولى رشيد والمولى محمد والمولى إسماعيل، وكيف استطاع هذا الأخير ضبط أمور الدولة من خلال تنظيم وتوزيع المهام بين أبنائه وتكلف المولى محمد الذي لقب بالعالم بتارودانت وازدهرت فترته.
كما جاء في كتاب نشر المثاني علميا، دون نسيان تكليف المولى زيدان بأمور سياسية أخرى وازدهرت الحركة العمرانية بتشييد برج الزيدانية في المنطقة خارج تارودانت المعروفة بنفس الاسم تيمنا باسمه، مع الوقوف على الثورات التي ميزت الفترة كثورة الطالب صالح وثورة بوحلايس… ولا ننسى أن أهم إنجاز فكري وعلمي في هذا العهد يتجلى في المطبعة الحجرية التي جاء بها العالم الطيب بن محمد الروداني لما أتم فريضة الحج مارا بمصر، التي اقتنى بها المطبعة ومعها طبيع مصري فترة المولى محمد بن المولى عبد الرحمان بن هشام خلال القرن التاسع عشر للمزيد من التفاصيل، انظر كتب (الدكتورة لطيفة الكندوز: تاريخ الطباعة بالمغرب، كتاب الأستاذ أحمد بزيد الكنساني حول الحركة الفكرية والأدبية بتارودانت لما يزيد عن خمسة قرون، منشورات منتدى الأدب لمبدعي الجنوب بتارودانت، انظر قراءتي له بجريدة «تارودانت نيوز الإلكترونية»؛ وكذلك مقال بمجلة زمان المغربية، ومقال للدكتور مصطفى بن عمر المسلوتي بمجلة دراسات عدد 15 صادرة عن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير).
وبعد ذلك تطرق المؤلف لعلمين تاريخيين ميزا تاريخ حاضرة سوس تارودانت ويتعلق الأمر بمحمد بن سليمان الروداني أحد أكبر علماء المغرب في القرن السادس عشر ومحمد صالح بن واندلوس أحد أكبر علماء المغرب خلال القرن الثاني عشر الميلادي، السادس الهجري .
كما تطرق الباحث المؤرخ السي محمد كسرير إلى الازدهار الاقتصادي والحضاري الذي شهدته تارودانت خلال فترة السلطان محمد الخامس الذي شهدت تارودانت في عنده عطاء علميا تجلى في تدشين المنارة العلمية معهد محمد الخامس للتعليم الأصيل بتارودانت سنة 1959م بمباركة جمعية علماء سوس وتخرج منه الأطر العلمية التي استفادت منها بلادنا المغرب وباقي بلدان القارة الأفريقية إلى كافة الأصعدة.
كما لم يغفل المؤلف المحطات التاريخية التي شهدتها مدينة تارودانت في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك الحسن الثاني باني المغرب الحديث رحمة الله عليه، واستمر ذلكم الازدهار في عهد جلالة محمد السادس نصره الله.
وفي الأخير قدم الأستاذ الباحث الشاعر مولاي الحسن الحسيني نبذة تاريخية ميزت مسار المؤلف المؤرخ المقتدر والجمعوي المعطاء والسياسي المحنك والعضو النشيط بمنتدى الأدب لمبدعي الجنوب بتارودانت العلامة سيدي محمد كسرير أطال الله في عمره، وشكرا للنادي الجراري بالرباط على تفضله بطبع هذا الكتاب القيم الذي سيعد إضافة نوعية لمكتبتنا المغربية والعالمية.
قراءة وتحليل بقلم: الأستاذ محمد أمداح الكاتب العام لمنتدى الأدب لمبدعي الجنوب بتارودانت – يوم 28 يوليوز 2020م مودتي.