كيف ظهرت الزراعة وتدجين الحيوانات بشمال غرب أفريقيا ؟
د. عبدالله بوزوكار، المعهد الوطني لعلوم الاركيولوجيا و التراث
سؤال قد يبدو طريفا او إستنكاريا ولكن قد تكون له أهميته عند من يهتم بالبدايات الأولى لنمط العيش المستقر بشمال غرب أفريقيا.
مناسبة السؤال هو مقال لي و لزميلتي لويز هامفري من متحف التاريخ الطبيعي بلندن تم نشره من طرف مجلة Nature منذ بضعة أيام.
حسب رايي وحسب ما هو متوفر من دلائل عديدة : أصول الاستقرار وما صاحبه من العديد من الممارسات الاجتماعية والاقتصادية هو محلي وكل قول غير ذلك، هو مجانب للصواب بشكل كبير.
جذور نمط العيش المستقر تصل الى حوالي 15 ألف سنة وهذا ما كشفت عنه الابحاث بمغارة الحمام بتافوغالت….وتراكمت العديد من الممارسات المرتبطة بهذا النمط من العيش في تسلسل زمني وجغرافي مذهلين. اليكم بعض من هذه المعطيات :حوالي 15 ألف سنة مارس الانسان بهذا الجزء من شمال غرب أفريقيا جمعا ممنهجا لنوع من الثمار وخاصة البلوط والذي قام بتحويله ربما الى نوع من الدقيق بعد تجفيفه. عملية كان لها ما بعدها، اذ نظرا لغناه بالكاربوهيدرات (السكريات) فقد انتشر تسوس الاسنان وهو الاقدم في العالم ومعلنا عن تحول كبير في العادات الغذائية
في طقس اجتماعي غير معروف بعد، قام الانسان في نفس الفترة وبنفس هذه المنطقة الجغرافية بخلع القواطع (الأسنان الأمامية للفك العلوي) ربما كتعبير عن نهاية فترة البلوغ . … عملية همت الذكور والاناث بدون استثناء وعرفت بمناطق مهمة من شمال غرب أفريقيا، طقس استمر الى العصر الحجري الحديث مسجلا نوعا من الإستمرارية في الطقوس….وفي العادات الاجتماعية….. وفي المجموعات البشرية
هناك نوع من التشابه الكبير فيما بين الأدوات الحجرية التي صنعها الانسان حوالي 15 ألف سنة والفترات اللاحقة من العصر الحجري الحديث حوالي 7 آلاف سنة
حوالي 8 الى 7 آلاف سنة قبل الحاضر، بدات المعطيات الجينية تظهر انفتاحا اكبر لشمال غرب أفريقيا على شمال المتوسط وشرقه. انفتاح لا يشير بتاتا الى تغير جذري في نمط العيش او ادخال تقنيات جديدة لتحويل المجال مثل الزراعة.
نواة الزراعة وتدجين العديد من الحيوانات…. محلية ولها جذور قديمة تمتد الى آلاف السنين….واستفادت وافادت في شكل جميل من انفتاحها على شرق المتوسط وشماله وخاصة على العمق الافريقي. المعطيات الكثيرة بالمواقع الأثرية بالمغرب تدل على ذلك كما تدل بشكل متواصل على أن تاريخ المغرب مبهر بشكل كبير.