كلميم وادنون… سمفونية الحياة والموت على إثر فاجعة ميرالفت.

بقلم محمد المصطفى الاطرش

كان الجو في المدينة جوا كئيبا كالعادة ، وكان المشهد يتوزع بين من إرتاد المقهى وجلس على طاولته المألوفة ، وبين من إرتاد قاعة الرياضة ، وهناك من لم يجد من هذا ولا من ذاك وجلس بقرب محل البقالة القريب في الحي ، هناك أيضا من إنتشى مجبرا بسجارة مخذرة على حافة واد أم لعشار وهناك من إنتشى بجلسة شاي ليس ببعيد أو على حافة جبل تيرت حتى يسلم من مطاردة درجات شرطة المدينة .
أو من حمل على عاتقه الصمود في جبال ليست ببعيدة للبحث عن قوته وقوت أبنائه ومن عبر مئات الكيلومترات بماشيته ما وراء أوسرد وما دونه ، وهناك يطارد إشارة الهاتف عله يستطيع أن يتلقى أو يرسل رسالة طمأنينة ادويه وأهله ، هناك أيضا من يقف وقفة صمود لا مثيل لها في إحدى الضيعات الفلاحية متفرغا لمشاكل زراعته ومتوحدا بهمه الكبير ، وربما يكون في جوف حفرة عميقة جدا يحيط به الكثير من الخطر في أماكن وجود القليل من الذهب .
بينما هناك من يستعد ليوم السبت لينهض في باكره قاصدا سوق أمحيريش قائدا عربته البسيطة من أجل دراهم غالبا ما لا تتعدى السبعون درهما أو أقل ، في الجانب الأخر من المدينة هناك من تطارده الدوريات الأمنية وهو مرغم على بيع مخذر الشيرا لكي يستطيع بلوغ غاية ما ، ربما لا تتعدى أحلام جل هؤلاء مركبا مطاطيا قد يكون أخر مركوب في حياته ……..
أما في ليلة السبت فبعض وأسطر تحت بعض المنتخبون والمسؤولون يحتسون كؤوس الجعة مع كبرادورات الزطلة ومافيات صنعتهم ، هناك في مكان ما في إحدى الدور أو الفيلات المتوزعة على شواطئ وصحاري وادنون ، ويتبادلون الحديث والضحك ويراقصون فتيات الليل اللواتي طبعا هن بدورهن مجبرات تماما كما أجبر من سلم حياته وأحلامه لأمواج بحر مير اللفت أو إفني أو حيث ما توجد ثغرة للمغامرة.
في بيوت المدينة هناك دائما أم أو أخت كبيرة تنتظر قدوم أحدهم فإن لم يأتي في وقت محدد سيكون الأمر معقدا وستتزاحم في مخيلتها كل الممكنات في مدينة أصبحت مدينة أشباح أو كولومبيا بدون رصاص ، فكل شيء ممكن في مدينة الوحوش والأبطال ….
فربما يكون من تنتظره جثة عائمة على أمواج شواطئ واد نون أو غيرها من شواطئ الصحراء الشاسعة المليئة بالخيرات ، وربما يكون من تنتظره سجينا معتقلا على أيادي الفرقة الوافدة دون أن يكون إختياره ، أو ربما فقيدا في مكان ما بأيادي الغدر ، ربما وربما وربما .
لكن ليس هناك ما هو أكثر بؤسا وحزنا من أم مكلومة على فقدان إبنها بعد طرقة باب سريعة وقوية ، أغلبهم يركب ذلك القارب متراجعا غير مقتنع بمدى أمانه وليس بالحلم الذي يطارده ، في حين هناك من يرتب أوراق إجتماعه يوم الإثنين مع الوالي ورئيسة الجهة المشؤومة …….

لائحة بأسماء المفقودين على إثر فاجعة انقلاب زورق مطاطي بإمي نتركا بجماعة ميراللفت والبالغ عددهم 14 شاب كلهم ينحدرون من جهة كلميم وادنون باستثناء شخص واحد ينحدر من قلعة السراغنة أسماؤهم كالآتي:

محمد ازرگي محمد أصواب
عبد المعطي بدادا نوفل لحيمر
أحمد لفريني محمد بوجدور
مصطفى الرفيقي امبارك أبلوش
هشام بوشان عبد الرزاق الثواتي
عبد العزيز الثلتي يوسف الراجي
الحسين حروش عبد الهادي غالي

الله اسمعنا عليهم أخبار الخير والأخبار لي تفرح والديهم وعائلاتهم وأصدقائهم.