كتبت زوجة الصحفي سليمان الريسوني رسالة إلى محمد السادس مرفوقة بكفن.
هل يعلم محمد السادس، رئيس الدولة، وملك البلاد، وأمير المؤمنين، أن هناك صحافيا مؤمنا بحرية التعبير و بالصحافة المستقلة، يدعى سليمان الريسوني، يموت خلف قضبان سجن عكاشة بالدار البيضاء؟ وأن البوليس السياسي بتواطئه مع البنية السرية تكلفوا بالتلاعب بحياته؟
هل يعلم الملك محمد السادس، أن سليمان الريسوني، من ألمع الصحافيين، وأندرهم، وأقربهم إلى الحقيقة من غيرهم! والأكثرهم فطنة ومهنية في بلاده، أم أن صحافة المغرب لا تأخذ حيزا، كما تأخذه الوكالات الدولية من حيث التأثير على الرأي العام الدولي؟ وأن هاته الوكالات، ذات المصداقية المطلقة، كتبت عن الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي وتوفيق بوعشرين والمهداوي وهاجر الريسوني، ووضعت المغرب بين معقوفتي ديمقراطية الواجهة !
لن أتكلم عن “الكلفة” التي ستتحملها البلاد إذا ما حدث أي مكروه لسليمان، لست في المكان المناسب الآن لإبداء أي رأي بهذا الخصوص، لكنني في موقع يعطيني الحق في أن أعرف مصير زوجي، الذي نكلت به كل مؤسسات هذه الدولة حتى اختار الموت في إحداها، بعد أن فقد أكثر من 25 كيلوغراما من وزنه مضربا عن الطعام، لمدة 44 يوما، من أجل حقه في محاكمة عادلة.
هل لأن الصُحفي سليمان الريسوني، تناول شخص عبد اللطيف الحموشي، سيُجازُ فيه الذبح؟ أم لأنه تناول فساد المؤسسات التي وضعت يدها على سيف الحموشي ومشتقاته لتصفيته، سيُقتل على مرأى ومسمع الرأي العام الوطني والدولي بعد أن استباحوا عرضه في جرائد التشهير التي ندفع لها من جيوبنا لتعطي أوامرها للقضاء باعتقال المعارضين؟ من هؤلاء؟ من صنعهم؟ وهل المغرب بقاماته السياسية والوطنية، بمن فيها من يسيرون هذي البلاد بحاجتهم؟ هؤلاء، منذ متى تواطؤا بصمتهم على جريمة شنعاء كهاته في تاريخ المغرب كله؟
أنا فاشلة، كبرت في حي شعبي وترعرعت في أوساطه، أنا ابنة هذا الشعب الفاشلة جدا في مخاطبتكم باللغة و الإيتيكيت، وفي هذا الفشل تكمن وطنيتي، وحيادي. أنا أم، لطفل يبلغ من العمر تسعة عشرة شهرا، اختطف والده من أمام بيته، ولمدة سنة هو رهينة في السجن لشهور بدون تهم، وشهور أخرى بدون محاكمة، طفل كلما رن جرس البيت يرتعب، لأن البوليس السياسي بدل أن يمتلك جرأة إسكات أبيه، أرهب زوجته وطفله.
سليمان يموت في السجن، كما سبق وأن تركوا الشهيدة سعيدة المنبهي تموت، واقفة، شاعرة، امرأة في سجون العار، سليمان يموت، وسيُحسب هذا الموت عليكم، بنية سرية وبوليسا سياسيا، ومؤسسات، ولن نسامحكم..
هذا كفن سليمان، الصُحفي والإنسان الطيب، المثقف والجريء، الصحفي المهني، الحقوقي، والمصطف اصطفاف الجنود إلى جانب من دافعوا عن حرية التعبير، و الآن بيته مفتوح لتلقي العزاء.