كأس أمم إفريقيا: نسخة للنسيان واستخلاص العبر للمغرب
يتواصل لهث المنتخب المغربي لكرة القدم نحو نجمته القارية الثانية نسخة أخرى. كان “أسود الأطلس” أقرب أكثر من أي وقت مضى للتتويج بلقب كأس أمم إفريقيا لكرة القدم في ساحل العاج، عطفا على إنجازهم في مونديال قطر عندما بلغوا نصف النهائي، لكنهم خيبوا الآمال بالخروج مبكرا ومن ثمن النهائي.
لم يكن أشد المتشائمين يتوقع خروج المغرب مبكرا كونه دخل النهائيات بأغلب عناصره التي أبلت البلاء الحسن في المونديال، بفوزها على عمالقة القارة العجوز بلجيكا واسبانيا والبرتغال ووقفوا ندا أمام فرنسا بطلة نسخة 2018 في نصف النهائي.
قاده آنذاك مدربه الشاب وليد الركراكي الذي اكتسب شهرة عالمية بنتائجه المونديالية وفوزه التاريخي على البرازيل وديا، لكن العرس القاري أعاد أسوده إلى أرض واقع مرير يعانون منه منذ سنوات كثيرة.
وحذر الركراكي قبل نسخة ساحل العاج من أن الأمر لن يكون سهلا في ظل الظروف المناخية الصعبة وكون منتخب بلاده مستهدف من جميع المنتخبات” للإطاحة به. بدا ذلك جليا منذ المباراة الاولى التي وإن فاز بها بثلاثية نظيفة على تنزانيا، عانى من إهدار مهاجميه للكثير من الفرص السهلة.
ولعله كان أحد الأسباب الأساسية التي أدت إلى خروجه خالي الوفاض من نسخة كان يعقد عليها آمالا كبيرة لرفع الكأس للمرة الاولى منذ 48 عاما وشحن معنويات لاعبيه على آمل الظفر بلقب ثان تواليا عندما يستضيف النسخة المقبلة في 2025.
تكرر المشهد ضد الكونغو الديموقراطية حيث أنه رغم افتتاحه التسجيل مبكرا فشل في التعزيز ما سمح لمنافسه بالعودة في النتيجة وفرض التعادل 1-1، ثم حقق فوزا بشق النفس على تنزانيا 1-0 في الثالثة.
دفع الثمن غاليا في ثمن النهائي أمام جنوب إفريقيا التي عكرت صفو نجاحاته للمرة الثانية تواليا، بعدما كانت المنتخب الأول والأخير الذي تغلب عليه عقب الانجاز المونديالي في تصفيات النسخة الحالية (2-1).
كان ذلك لسان حال الركراكي عقب اللقاء “أعتقد أننا حصلنا على فرص لقتل المباراة في الشوط الأول ولم نفعل، وحصلنا على ركلة جزاء كان من الممكن أن تغير مجريات المباراة لكن للاسف اهدرها أشرف حكيمي” قبل خمس دقائق من نهاية الوقت.
وأضاف “في هذا المستوى من المنافسة الفعالية أمام المرمى مهمة جدا. هذه المجموعة ستتعل م. عانينا من الكثير من الغيابات والاصابات وخصوصا سفيان بوفال وحكيم زياش. أنا لا أختبئ، الفشل اليوم هو للمدرب وليس للاعبين أتحمل مسؤوليتي”.
وتابع “كنت مخطئا في بعض الاختيارات” في إشارة الى الدفع بظهير بايرن ميونيخ الالماني نصير مزراوي العائد للتو من الاصابة والذي كان أحد نقاط ضعف اسود الاطلس في المباراة.
أخطاء في اختيار التشكيلة رك ز عليها لاعب الوسط الدولي السابق يوسف شيبو في تحليله لقنوات “بي إن سبورتس” بقوله “مزراوي لاعب كبير لكنه لم يلعب منذ أكثر من شهر وبالتالي لم يكن جاهزا، كان الأجدر إشراك يحيى عطيةالله الجاهز والمعتاد على مواجهة جنوب إفريقيا التي أغلب لاعبيها يمثلون صنداونز الذين واجههم كثيرا مع فريقه الوداد البيضاوي”.
وأضاف “يجب إعادة النظر في الدفع ببعض اللاعبين في التشكيلة، يجب إشراك لاعبينا الشباب الذين توجوا بلقب أمم إفريقيا تحت 23 عاما في المغرب، من أجل بث روح جديدة وتطوير الشق الهجومي للمنتخب”.
شاطره زميله في القناة الدولي المصري السابق محمد أبو تريكة الرأي بقوله “تملكون منتخبا رائعا سيكسر الدنيا (سيفرض سيطرته) في المستقبل، كل ما تحتاجون اليه هو دعم صفوفه والمدرب الركراكي، المجموعة لا ينقصها سوى مهاجم جيد يقدر على ترجمة الفرص ولاعب وسط هجومي رقم 8 مختلف يكمل أدوار عز الدين أوناحي وسفيان أمرابط”.
وتابع “ليس لديكم مشاكل المنتخبات العربية الاخرى، مصر لديها مشاكل كثيرة جدا في المنظومة وفي كل شيء والجزائر لديها مشاكل كثيرة وتونس أيضا، لكن المغرب لا”.
تحدث الركراكي عن مستقبله على رأس الادارة الفنية لأسود الأطلس وهو الذي صرح عقب المونديال القطري أنه سيستقيل من منصبه في حال عدم بلوغ نصف النهائي “لا يمكن أن أقرر بخصوص مستقبلي الآن وعقب هذا الخروج القاسي، سنعود الى المغرب ونجلس مع الرئيس (فوزي لقجع) ونرى الأفضل للمنتخب. وأنا لا زلت عند كلمتي مثلما تعرفونني”.
وأضاف “لدينا الوقت الكافي من أجل اتخاذ القرار المناسب لمصلحة المنتخب”.
وتوجه الركراكي الى الصحافيين قائلا “الخروج ليس نهاية العالم سواء أردتم ذلك أم لا، حصل ذلك مع العديد من المنتخبات المرشحة، سنعود بقوة رغم أننا ننتظر التتويج منذ فترة طويلة، هذه المجموعة تضم العديد من اللاعبين الشباب وأنا متأكد من أنهم سيتوجون باللقب في المستقبل”.
حارس المرمى البديل منير المحمدي الذي كان أحد اللاعبين القلائل الذين تحدثوا الى وسائل الاعلام عقب المباراة حيث التزم الباقون الصمت والاستياء واضح على محياهم، قال “لم يكتب لنا أن نواصل مشوارنا حتى النهاية والتتويج باللقب الذي تنتظره الجماهير المغربية. يجب أن نواصل العمل حتى نتمكن في المستقبل من رفع الكأس”.
أما القائد رومان سايس فقال “هناك محاور يجب تطويرها ويجب أن نعمل ونتوقف عن ارتكاب أخطاء الماضي اذا كنا نأمل الذهاب بعيدا”.