“فيضانات تندوف” تكشف انتهازية البوليساريو وزيف شعارات الجزائر
على غرار سيول الجنوب الشرقي، شهدت مخيمات “تندوف”، خاصة “مخيم الداخلة”، خلال الأيام الماضية، تساقطات مطرية غزيرة تسببت في حدوث سيول فيضانات عارمة غمرت مئات مساكن اللاجئين وتسببت في نزوح العديد من العائلات خارج المخيمات، وهو ما دفع ما يسمى “الهلال الأحمر الصحراوي”، في بلاغ له، إلى مناشدة البلدان المانحة والمنظمات الدولية تقديم مساعدات إنسانية لفائدة اللاجئين المتضررين.
وتكشف الكوارث الطبيعية الواقع المعيشي لسكان مخيمات تندوف الذين يعيشون في الأصل أوضاعا إنسانية متأزمة، كما تعري هشاشة البنيات التحتية في هذه الرقعة الجغرافية الجزائرية التي شهدت حوادث مماثلة في الأعوام السابقة، وهو ما يثير، حسب متابعين، مسؤولية الجزائر عن أوضاع اللاجئين فوق أراضيها ويكشف زيف الشعارات التي ترفعها حول دعم “الصحراويين” الذين يعيشون وضعا سيئا يزيده هشاشة توظيف قيادات الجبهة معاناتهم والكوارث التي تحل بهم لتسول المساعدات والإعانات التي يتم توجيهها إلى غير مستحقيها.
وكشف مصدر مطلع على ما يجري في المخيمات أن “الفيضانات الأخيرة اضطرت اللاجئين إلى إخلاء مساكنهم المعرضة للسقوط والاتجاه إلى بعض الأماكن المرتفعة في الجوار”، مضيفا أن “مخيم الداخلة يمر عبره واد وتحيط به المرتفعات من الشمال والجنوب، وهذه هي المرة الأولى التي يجلب فيها هذا الوادي هذه الكمية من المياه منذ إنشاء المخيمات”.
وأضاف المصدر ذاته، الذي مد جريدة هسبريس الإلكترونية بمقاطع فيديو توثق لاجتياح السيول مساكن اللاجئين في “مخيم الداخلة”، أن “أكثر ما كانت تقوم به البوليساريو في مثل هذه الكوارث الطبيعية، هو توزيع الخيم والبطانيات وبعض المواد التموينية. أما إعادة بناء المساكن، فكان الناس يعيدون بنائها دون أي مساعدة من الجبهة”.
وأوضح مصدر هسبريس أن “ما يستر الواقع الذي تعيشه المخيمات اليوم هو عزلتها عن العالم وتضامن السكان في الشدائد أمام ضعف إمكانيات البوليساريو اللوجستية”، مشددا على أن “هذه الفيضانات تكشف التناقض بين واقع كون مخيمات تيندوف هي في الأصل مخيمات لاجئين تقع تحت مسؤولية الجزائر الغائبة عن دورها، إذ تكتفي بتوزيع بعض المساعدات البسيطة على المتضررين، وحضور البوليساريو التي لا شرعية قانونية لها في إدارة المخيمات”.
واعتبر المصدر المطلع ذاته أن “البوليساريو تحقق مكاسب مادية كبيرة من كوارث المخيمات من خلال استجداء المساعدات الإنسانية. أما على المستوى السياسي، فهذه الكوارث تحرجها؛ لأنه قانونيا لا ينبغي لحركة مسلحة أن تكون موجودة في مخيمات للاجئين، وبالأحرى أن تديرها”، مشددا على أن “فيضانات المخيمات والأضرار التي لحقت اللاجئين تكشف أيضا عن زيف شعار دعم الصحراويين الذي ترفعه الجزائر بتركهم في وضع هش عرضة للكوارث، رغم مرور نصف قرن على إنشاء تلك المخيمات”.
تفاعلا مع الموضوع نفسه، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن “بيان ما يسمى الهلال الأحمر الصحراوي الذي تحدث عن خسائر مادية كبيرة وناشد المنظمات الإغاثية مساعدته، يفضح الحالة الإنسانية الهشة التي يعيشها قاطنو مخيمات تندوف في ظل تنكر الدولة المستضيفة للمسؤوليات القانونية والأخلاقية المترتبة عليها إزاء من يفترض أنهم لاجئون داخل ترابها الوطني”.
وأضاف عبد الفتاح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المخيمات تغيب فيها كل شروط الحياة الكريمة في ظل استمرار حرمان السكان من الاستفادة من المرافق والخدمات العمومية في الجزائر، كما يعيشون حالة هشاشة اجتماعية واقتصادية، إذ ما زالوا يقطنون في الخيام والبيوت الطينية التي سرعان ما تأتي عليها الكوارث الطبيعية التي تضرب المنطقة على غرار الفيضانات الأخيرة”.
وأوضح المتحدث أن “مناشدة المنظمات الدولية والمانحين يفضح أيضا استغلال الكوارث الطبيعية من طرف الجبهة الانفصالية التي تمارس سلطة مفوضة خارج القانون على جزء من التراب الجزائري، الأمر الذي يحيل على مسؤولية الهلال الأحمر الجزائري في هذا الإطار، كما يحيل على استغلال مثل هذه الكوارث من أجل النهب الممنهج للمساعدات الإنسانية، الذي طالما تحدثت عنه تقارير دولية عديدة، من طرف مسؤولي الجبهة والجيش الجزائري”.
وخلص رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان إلى أن “هذه الكارثة تفرض إعادة النظر في الأوضاع الإنسانية المزرية لسكان المخيمات، لا سيما في ظل التوظيف السياسوي لمعاناتهم من طرف البوليساريو والبلد المستضيف الذي يصادر حقوقهم وحرياتهم، خاصة حرية التنقل، حيث تعتبر منطقة المخيمات منطقة عسكرية محظورة على المدنيين الذين يفرض عليهم الحصول على تراخيص عسكرية من أجل الولوج إليها أو مغادرتها”.