Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

فعاليات مدنية تطلق حملة وطنية لتوقيع ملتمس للبرلمان من أجل اعتماد إطار تشريعي خاص بالمناطق الجبلية

التأم عدد من الفاعلين والنشطاء الجمعويين في توقيع ملتمس مرفوع لرئيس مجلس النواب، من أجل إخراج وسن قانون الجبل، ويتوزعون على مناطق خنيفرة، فاس، تارودانت، شفشاون، الحاجب، تنغير، وجدة، مع إطلاقهم لحملة وسط الجمعيات والتعاونيات والفعاليات المدنية، وعموم المواطنات والمواطنين، من أجل الإقبال المكثف على توقيع الملتمس التشريعي في أفق جمع 20 ألف توقيع، وتزامنا مع ذلك جرت عدة لقاءات تواصلية، ليس أولها ولا آخرها اللقاء التواصلي الذي تم عقده، بعد زوال الأحد 26 مارس 2023، بفضاء “جمعية تيغزى أطلس للتنمية” بتيغزى، إقليم خنيفرة، وسجل حضورا نوعيا لممثلي عدد من التعاونيات والجمعيات والفعاليات المجتمعية.
ويذكر أنه بعد سلسلة من المرافعات والمبادرات والتوصيات، ونظرا ل “أهمية المدخل التشريعي من خلال اعتماد قانون خاص بالجبل كفيل بتحديد الضوابط والمسؤوليات للاستجابة لمتطلبات التنمية المندمجة والعادلة للمناطق الجبلية، والمنسجمة مع أسلوب الإدارة اللامركزية وتفعيل الجهوية المتقدمة المنشودة”، بادر عدد من الفاعلين المدنيين والسياسيين، على المستوى الوطني، إلى صياغة ملتمس للبرلمان تفعيلا ل “مبدأ المشاركة المواطنة كمبادرة مدنية تراهن على اختيار الديمقراطية التشاركية، وتأمل في التفاعل الإيجابي من مجلس النواب معها بالعمل على اتخاذ التدابير التي يراها كفيلة بإصدار قانون في مستوى شموخ مغرب الجبال”.
وبينما دعا موقعو “ملتمس الجبل” إلى “العمل على إصدار “قانون الجبل” كضرورة تشريعية من شأنها خلق التنمية المنشودة وتوفير العيش الكريم للمواطنات والمواطنين، وحماية الجبل وموارده خدمة لمصلحة الوطن”، لم يفتهم إرفاق ملتمسهم ب “مذكرة تفصيلية وبعض العناصر التي يقترحون إدراجها في الإطار التشريعي المنشود”، وذلك على اعتبار “أهمية المناطق الجبلية بالمغرب، ليس فقط ككتل مادية، بل كرموز وطنية تشكلت حولها عناصر عديدة من الهوية المغربية، إذ تؤدي أدوارا اقتصادية وبيئية وثقافية، وبالنظر إلى ثنائية الغنى في الموارد والعجز في التنمية التي لازمتها طوال عقود”، على حد فاتحة الملتمس.
ووفق نص الملتمس، الذي تسلمت الجريدة نسخة منه، فهذا المطلب التشريعي الموجه للبرلمان – كمؤسسات للقرب في تخطيط وتنفيذ سياسة تلائم المناطق الجبلية -، يستند أساسا على “المقتضيات الدستورية والالتزامات الدولية للمغرب وعلى الطموح الذي تعلنه سياسات الدولة في مجال تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان تكافؤ الفرص والولوج للحقوق والخدمات الأساسية للجميع في كافة ربوع الوطن”، و”من شأن اعتماد هذا القانون أن يكرس إرادة الدولة في تدبير أفضل للتنمية المتوازنة وفق التوجهات المجالية التي نص عليها الميثاق الوطني لإعداد التراب وتم تحيينها في وثيقة النموذج التنموي ومختلف الاستراتيجيات الوطنية المعتمدة”.
كما تتأكد راهنية هذا القانون، يضيف موقعو “ملتمس الجبل” الموجه للبرلمان، من خلال “الحاجة إلى آلية تشريعية تؤطر وضع السياسات العمومية وتنفيذها في برامج وطنية مندمجة تلائم الخصوصيات المجالية للجبل، وتستجيب بشكل ناجع لمتطلبات التنمية المستدامة للمناطق الجبلية وساكنتها، وتتدارك العجز التنموي المسجل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والثقافي”، بحيث يُنتظر من هذا القانون، حسب نص الملتمس، أن يكون “أداة تؤطر نهج سياسة التنمية المتكاملة الكفيلة بإخراج ساكنة المناطق الجبلية من مظاهر الفقر والأمية والعزلة وضعف التمتع بحقوقها الأساسية”.
ولم يفت الموقعين على ذات الملتمس الإلحاح على ضرورة الخروج بالآلية التشريعية المطلوبة ووفق ما يناسب “الحفاظ على مختلف الموارد الطبيعية والثروات التي تزخر بها المجالات الجبلية من التدهور والاستنزاف”، وأيضا “تنظم توزيع عائداتها التنموية بشكل عادل ينصف القيمة الحقيقية لمساهمة المناطق الجبلية في الاقتصاد الوطني في الوقت الذي تعيش الهشاشة التهميش”، و”تستلزم التنمية المنشودة اعتماد سياسات عمومية متماسكة تنبني على رؤية مندمجة بين كل القطاعات، وعلى التنسيق والتكامل في أشكال المعالجة والتدخل عوض المشاريع والبرامج المتفرقة التي تنقصها الالتقائية وفعالية الأثر”.
وارتباطا بالموضوع، استعرض الموقعون جملة من الأهداف الأساسية الداعية لتقديم الملتمس، ومنها “تعزيز المنظومة التشريعية المؤطرة لتنمية ترابية ضامنة للخصوصية المجالية للجبال بما يترتب عنها من ملاءمة أو تحيين القوانين والضوابط الحالية”، “توفير إطار تشريعي يكرس البرامج المعتمدة في حماية الجبل وتنميته ويؤسس لاستراتيجيات تضمن تنمية مندمجة ومستدامة للجبل”، مع “سن قواعد ملزمة لصياغة سياسات عمومية تحقق العدالة والإنصاف، وتحد من الفوارق المجالية التي تعاني منها المناطق الجبلية، وتيسر الولوج للحقوق والخدمات والاستفادة من الثروات الوطنية على قدم المساواة”.
ذلك إلى جانب “توفير مرجعية تسهل منطق الاستهداف والتخطيط الترابي، تحدد الجماعات الترابية الجبلية وفق تعريف موحد لمفهوم الجبل”، “تشكيل هيئة وطنية عليا ذات طبيعة تشاركية تعنى بحماية وتنمية الجبل وتحرص على احترام السياسات العمومية لمبدأ العدل والإنصاف في التنمية الترابية والاستثمار العمومي”، ثم “تشجيع الحلول المبتكرة لمضاعفة المجهود التمويلي المطلوب ووضع ضوابط للقوانين المالية ومختلف آليات الميزانية تجعل الجبل ضمن أولوياتها، حتى تستجيب للعجز المتراكم في المناطق الجبلية والتدهور الذي تعرفه البيئة والثقافة الجبلية بحكم الإهمال المتواصل لغناها القيمي والطبيعي، وتجاهل أهميتها في التوازن البيئي والتنوع البيولوجي”.
وتجري أطوار الملتمس في ظل تحركات “الائتلاف المدني من أجل الجبل” الذي يتشكل، منذ بداية تأسيسه، من “مجموع الإطارات الجمعوية التي واكبت البرنامج الترافعي من أجل تحسين شروط عيش ساكنة المناطق الجبلية بالمغرب”، والذي انطلق مع الملتقى الجهوي الأول المنعقد بتاريخ 12 دجنبر 2014 بمدينة بولمان”، وبعد توالي اللقاءات الترافعية الجهوية “ترسخ الوعي بضرورة الحرص على استمرارية هذه الدينامية، مع توفير إطار قوي وقادر على استمرار الدينامية الترافعية”، ليتم بعدها “تجسيد هذا الطموح الجماعي، في 23 ماي 2015، خلال فعاليات المنتدى الوطني حول المناطق الجبلية بالمغرب المنعقد في أزرو، بتأسيس الإطار المذكور.
ويجسد هذا الائتلاف، وفق الأرضية التأسيسية، “آلية ديمقراطية لتأطير حركة مدنية واجتماعية صاعدة تعتبر نفسها امتدادا للعمل الديمقراطي الهادف لتوفير التنمية العادلة وشروط الإنصاف والمواطنة للجميع في ربوع الوطن ككل”، و”تنتظم فيه إطارات جمعوية (أزيد من 120 جمعية على الصعيد الوطني) ذات اهتمامات مختلفة ومشارب متنوعة يجمعها الوعي بالانتماء والاشتغال في مجال له خصوصياته”، و”تركز أكثر على الرؤى المتقاسمة والمشاكل المشتركة، والاكراهات والمعيقات التنموية التي يعاني منها المجال الجبلي بشكل عام”، كما يعتبر الائتلاف “حركة من أجل إدماج الخصائص المجالية والترابية للمناطق الجبلية في السياسة العمومية”.
وتأتي مرافعات الائتلاف بعدما ظلت “حقوق الجبل”، ولسنوات طويلة، مسكوتا عنها، على “اعتبار أن التنمية في هاته المناطق يُنظر إليها من خلال أبعاد متعددة، تارة ترتكز على الهاجس الأمني، وكذا كخزان للثروات الطبيعية واليد العاملة، وتارة أخرى على البعد الإحساني والتضامني، وفي أغلب الحالات في إطار مقاربة تعتبره مجالاً قروياً، ومن تم غياب رؤية شمولية منصفة وعادلة لهاته المناطق تراعي الأبعاد الترابية والمجالية وكذا الأبعاد الحضارية والثقافية لهاته المناطق”، كما انه حركة منفتحة متعاونة، وسيلتها الأساسية التعبئة والترافع والحوار… لدفع دوائر القرار إلى إخراج سياسات عمومية ذات أبعاد مندمجة خاصة بالمناطق الجبلية”.
وأكدت أرضية تأسيس الإتلاف أيضا أن “سياسة الإقصاء والتهميش ظلت السمة البارزة في تعاطي السياسات الحكومية مع المناطق الجبلية، وهو ما يكرس أوضاع الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية وهدر إمكاناتها المادية والبشرية“، إلى جانب “غياب إطار تشريعي ملائم لحاجيات المناطق الجبلية وحقها في التنمية”، إذ أن القوانين الجاري بها العمل والتي تخص المناطق الجبلية “ترجع في معظمها إلى عهد الاستعمار، كقانون أراضي الجموع الذي يرجع تاريخ: 27 أبريل 1919، وقانون تحديد الملك الغابوي الذي يرجع الى تاريخ: 10 أكتوبر1917 وغيرهما من القوانين التي أصبحت مقتضياتها مفارقة لواقع المناطق الجبلية إن لم نقل عامل من عوامل استدامة الهشاشة والفقر”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.