شركات أجنبية تغزو السوق الألمانية لتلبية الطلب المتزايد على "الحشيش" الطبي بعد تقنينه
بتعاون مع
كان ذلك قرارا مثيرا للجدل داخل قطاع الرعاية الصحية بألمانيا، فقد تم اعتبارا من 10 مارس 2017 السماح للمرضى بالحصول على القنب (الحشيش) من خلال روشتة طبيب، ومنذ ذلك الحين ازدهرت مبيعات هذا العقار.
وسرعان ما جاءت الشركات الأجنبية للعمل في السوق الألمانية أملا في تلبية الطلب المتزايد على القنب، ويتعرض الأطباء والصيادلة وشركات التأمين الصحي لضغوط متواصلة لإرضاء المستهلكين، في الوقت الذي حاولت فيه التغلب على المشكلات الفنية العديدة المتلقة بإنتاجه.
وظهرت مشكلة كبيرة تتمثل في عدم قدرة صناعة القنب الطبي البازغة في ألمانيا على تلبية حجم الطلب، وبالتالي دخلت إلى سوقها شركات أجنبية متخصصة في هذا المجال جاءت أساسا من هولندا وكندا.
وأعلنت شركة “تيلراي” الكندية مؤخرا أنها ستبدأ على الفور في تزويد جميع الصيدليات بألمانيا ببراعم القنب، بينما قالت شركة “نيوفيرا” الهولندية إنها ترى سوقا واعدة تتمثل في مئات الآلاف من المرضى المحتاجين للقنب الطبي في ألمانيا.
ولدى إسرائيل تصريح بتصدير القنب الطبي لعدة دول من بينها ألمانيا، وهي تسعى للحصول على ميزة تنافسية في هذا المجال حيث تجري حاليا 200 دراسة سريرية تقوم على الملاحظة الطبية حول العلاج بالقنب.
ويوجد تراث طويل لاستخدام القنب في الأغراض العلاجية في إسرائيل بعد أن اكتشف الباحث العلمي رافائيل ميحولام عام 1964، أن العناصر النشطة (تي.إتش.سي) و (سي.بي.دي) يمكن أن تساعد على تسكين الألم ووقف تقلص عضلات الجسم.
وساعد انخفاض معدلات الرطوبة والمناخ الموات في إسرائيل على جعل زراعة القنب نشاطا فعالا، وذكرت وزارة الصحة الإسرائيلية أنه يتم إنتاج أكثر من 18 طنا من القنب الطبي سنويا، وصارت المسألة الآن تدور حول ما إذا كانت إسرائيل تمتلك الموارد الكافية لتلبية الطلب على تصديره.
وأعرب دادي سيجال رئيس شركة “باناكسيا” للمنتجات الدوائية التي تعد إحدى أكبر الشركات المنتجة للقنب الطبي في إسرائيل، عن تفاؤله إزاء إمكانية تلبية الطلب، وقال “إننا ننتج 50 ألف مستحضر في الشهر، وتوجد في مخازننا ثلاثة أطنان من القنب ونحن على استعداد لطرح المزيد”.
كما أعرب سيجال عن اهتمامه بالسوق الألمانية، وقال إن شركته” تجرى محادثات مع شركات عديدة مهتمة باستيراد القنب الطبي من إسرائيل”.
ومن المعروف على نطاق واسع الطريقة التي يعمل بها القنب عند الاستخدامات الطبية والترويحية، وبالنسبة للأغراض العلاجية ثبت أنه يسهم في تخفيف التقلصات العضلية المسببة للآلام التي يعاني منها العديد من مرضى تصلب الأنسجة.
وفي مجالات أخرى تؤكد الرابطة الطبية الألمانية أن هناك دليلا جزئيا فقط على فعاليته الطبية، بما في ذلك استخدامه في علاج الآثار الناجمة عن العلاج الكيميائي أو في علاج متلازمة توريت وهي عبارة عن خلل عصبي وراثي يظهر منذ الطفولة المبكرة.
وكان القنب الطبي قبل أن يتم تحرير تعاملاته في ألمانيا منذ عامين، يتاح فقط لنحو ألف شخص يحصلون على تصريح خاص لحيازته بغرض العلاج.
وتشير الإحصائيات التي أذاعها الاتحاد الفيدرالي لروابط الصيادلة الألمانية – وهي المنظمة التي ينضوي تحت مظلتها حوالي 60 ألف صيدلي في ألمانيا – إلى تزايد الطلب على القنب بمعدلات متسارعة.
ففي عام 2018 وزعت الصيدليات قرابة 145 ألف وحدة من مستحضرات القنب وبراعمه غير المعالجة تلبية لحوالي 95 ألف وصفة طبية سددت ثمنها جهات التأمين الصحي الألمانية، وهذا الرقم يضارع أكثر من ثلاثة أمثال الاستهلاك الذي شهدته فترة الأشهر العشرة من عام 2017 بعد تقنين الاستخدامات العلاجية للقنب.
وتم خلال عام 2018 توزيع 53 ألف عبوة من المنتجات الطبية المصنعة التي تدخل فيها مكونات القنب، مما يمثل زيادة بمعدل الثلث.
ويوضح أندرياس كيفير رئيس المعهد الألماني لاختبارات المنتجات الصيدلانية أن هذه الأرقام تشير بقوة إلى أنه يتم تزويد مزيد من المرضى بالقنب الطبي.
ويقول “لكننا لا نعلم ما إذا كان جميع المرضى الذين يمكنهم الاستفادة من القنب الطبي يستطيعون الحصول عليه”، ويضيف إنه ليست هناك أرقام رسمية حول عدد المرضى المحتاجين للعلاج بالقنب في ألمانيا، وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم يصل إلى نحو 15 ألفا.
ومن ناحية أخرى لم تنجح الجهود السياسية الرامية إلى زيادة إنتاج القنب محليا في ألمانيا، وطرح المعهد الفيدرالي للأدوية والمنتجات الطبية عطاءات للحصول على تصاريح لزراعة 4ر10 طن من القنب للأغراض العلاجية.
وهذا الرقم أعلى بشكل واضح من المقدار الأصلي المطلوب وهو 6ر6 أطنان، حيث أن الدعاوى القضائية التي أقيمت ضد القواعد الحاكمة لاستخدامات القنب أخرت إصدار التصاريح اللازمة، ويقول المسؤولون الآن إنه من المتوقع جني أول محصول ألماني من القنب بحلول عام 2020.