د.سدي علي ماءالعينين : جمعيات البلاط !!!!
على مر العصور والأزمنة ، وفي كل الحضارات و الأنظمة ،يكون هناك محيط للحاكم يبدأ من الحاشية الى راعي الماشية ،ومن الفقيه بالمسجد والكنيسة الى السفيه من صناع الدسيسة.
ويسمى هذا النوع من البشر ب”أصحاب الحال”, نفوذهم باتع ،و صيتهم شائع ،والكل منهم خائف ولهم طائع …
في زمننا هذا ،وزمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،وزمن المجالس المنتخبة الجهوية و الإقليمية و المحلية ، لكل والي وعامل محيط يحيط به ، فإن كان صالحا حصنه ،وإن كان فاسدا عزله وجعله كجزيرة لا يصلها الا من يجيد السباحة في هذا المحيط .
فكلما حل مسؤول بمسؤولية إلا وجر معه او حمل معه او قدم برفقته من يقول عنهم انهم منه وإليه ،و مصدر ثقته ،و المعول عليهم في كل صغيرة وكبيرة ،فهم عيونه التي يرى بها و اذنه التي يسمع بها ،لكنهم ايضا يده التي يبطش بها و يضرب بها ،وقدماه التي تحمله الى كل مكان وهو جالس بمقعده ومكتبه المكيف .
أما من كانوا في محيط من كان قبله ،فمنهم من يتوارى ويختفي بحلول مسؤول جديد ،ومنهم من يتقن التلون مع كل الألوان ،فيقفز من سفينة المسؤول الراحل ويرمي بنفسه في سفينة المسؤول القادم .
وعاينت بأم عيناي كيف كان مداحوا المسؤول السابق في حضرة المسؤول الجديد،كيف يباركون هذا القدوم و يلعنون المسؤول الراحل ،لا لشيئ سوى لنيل عزوة ،وحماية مصالح شخصية .
ومنذ تسعينيات القرن الماضي ظهرت بالمغرب ظاهرة بدأت من دهاليز وزارة الداخلية ،ويتعلق الأمر بما كان اليسار يسميها بجمعية” السهول والجبال “، جمعيات أسست خصيصا لتكون “بوق” جهات نافذة ، وصوت “الحياحة”و”العياشة”, ولكن كانت ايضا إيدانا لظهور ما يسمى بالصناديق السوداء .
فكان المسؤول كلما اراد الحصول على رشوة مغلفة بالمصلحة العامة لقضاء مصلحة خاصة ،يودع المال بحساب الجمعية ،ومنها يتسلمها بلا حسيب ولا رقيب .
اليوم بمختلف الجهات هناك جمعيات بلاط السيد الوالي ، هي في حقيقة الأمر ليست بجمعيات بل هي أشخاص في محيط السادة الولاة ، يكون لهم السبق في اي دعم مركزي يأتي الى الجهات ، و لهم سلوك معروف ، فتجدهم اول المباركين في الاعياد للسيد الوالي بمنزله ، وأول المصلين خلفه في صلاة الجمعة والاعياد ، و أول المهرولين الى الصفوف الخلفية في قاعات الاستماع إلى الخطب الملكية في المناسبات الوطنية …
وفي الإنتخابات ينتظرون التعليمات الى اي جهة سيميلون ،واي مرشح سيدعمون ،فيكونون جزءا ولو يسيرا من صناعة خرائط سياسية هشة وهجينة ،
المؤسسات المنتخبة هي أيضا لها حاشيتها والتي ليست سوى جمعيات تولد بميلاد المجالس ،و منها من يستمر مع كل المجالس لمصداقية عملها واخرى لحربائية اعضاءها .
ويكفيكم العودة إلى لوائح الدعم في كل ولاية إنتخابية لتجدوا اسماء جمعيات تظهر لأول مرة مع كل مجلس جديد فيما تختفي أخرى والتي كانت مع المجلس السابق .
لكن هناك جمعيات تفرض على كل مجلس من جهات تعلم مالا يعلمه المجلس الجديد ، ليبقى الدعم كما هو على مر المجالس و إختلاف المسؤولين ،لا لشيئ سوى لأنها تؤدي ادوارا “جليلة” للدولة و المدينة ،لأنهم بكل بساطة من “حاشية بلاط المسؤول “!!!!
لسنا في حاجة ان نقدم أمثلة حية لهذا النوع من الجمعيات ، جمعيات تولد وبفمها ملعقة من ذهب ، و تنال الدعم السخي من كل المؤسسات ، منها ما يشتغل في السياحة و منها ما يهتم بالبيئة ومنها من كلف بصيانة الذاكرة ، ومنها جمعيات نسوية ،ومنها فرق فلكلورية واندية رياضية و للاسف حتى جمعيات متخصصة في جني الدعم الموجه للدفاع عن القضية الوطنية ،ناهيك عن الإعلام و صحافة “الكاميلة” و”خروف العيد “!!!!!
سيعتقد كل من يقرأ هذا المقال انني اتحدث عن جهته ومنطقته ،كما سيعتقد من يعرف انني اقطن أكادير انني اتحدث عن جهة سوس ماسة ،
وإن دل هذا على شيئ فإنما يدل على ان الوضع بكل ربوع البلاد واحد ،
هناك في كل مكان “أصحاب الحال “, هم حاشية البلاط ، و لا حسيب ولا رقيب عليهم ، فهم الوسطاء وهم الوجهاء و هم السادة الاجلاء اصحاب كرامات الولاة والاولياء !!!
وكما أن هناك مغرب نافع ومغرب غير نافع ،فهؤلاء يعتبرون المغاربة النافعين النافذين ،لكن ما يميزهم انك تجدهم في المغرب النافع وغير النافع …
فهل تعتبرون ؟