Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

جماعة تيزنيت، الإرتجالية والعشوائية

بقلم سعيد اوزبير*

لا حديث في الشارع التيزنيتي مؤخرا إلا عن حالة الإرتباك الذي تعيشه جماعة تيزنيت على مستوى التسيير والتدبير، ففي شهر رمضان وقف الجميع على تبادل الإتهامات بين مكونات المجلس بخصوص أنشطة ما سمي “بجلسات نغم” المنظمة بقصبة أغناج والتي تحمل لافتة مكتوب عليها “جماعة تيزنيت تنظم جلسات نغم” وشاهدنا كيف حاول البعض رمي الكرة في مرمى محمد الشيخ بلا نائب الرئيس المسؤول عن تنشيط المدينة، و تبرير ذمة رئيس المجلس الجماعي من “المسؤولية الأخلاقية” علما أن جل المنتقدين من أتباع حزب العدالة والتنمية ممن يستنكرون وجود “الشطيح” و تلك الحركات التي تثير شهوة الصائم حسب تفاسير من يعتبرون رمضان شهرا مقدسا دون باقي الشهور لدرجة أن بعض الأمور تعتبر حراما فقط في ذاك الشهر الفضيل رغم أن الحريات والإختيارات أمور شخصية لا دخل للأخرين بها ما لم يمس ذلك بالصالح العام، ففي نفس الشهر شهدنا تصريحات السيد محمد حمسيك بخصوص مزاعم بوجود ملفات فساد داخل دهاليز الجماعة ولاحظنا تفاعلا سريعا للرئيس مع التصريحات بإصداره بيان يحاول فيه نفي تلك التصريحات، هذا التفاعل السريع للرئيس جعلنا نطرح مجموعة من علامات الاستفهام حول وجود انسجام بين مكونات المجلس الجماعي (الأغلبية)

واليوم ونحن أمام نازلة قانونية بامتياز وفي مجال يعتبر جد حساس وله إرتباط وثيق بمصالح المواطنين، حيث قام نائب الرئيس المكلف بالتعمير عبد الله القصطلني بإصدار مذكرة مصلحية تعتبر قانونية بالنظر لمواد القانون 66-12 الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 19 شتنبر 2016 ولا سيما المادة 50 التي تقول ” في الجماعات الحضرية والمراكز المحددة والمناطق المحيطة بها والمناطق التي تكتسي صبغة خاصة كما هي محددة في (ب) من المادة 18 أعلاه تكون الإستعانة:

– بمهندس معماري حر،

– بمهندسين مختصين،

واجبة فيما يتعلق ب:

– كل بناء جديد.

– كل تغيير مدخل على بناء قائم يستوجب الحصول على رخصة بناء.

– جميع الأشغال المتعلقة بترميم الآثار.“

وبالرجوع إلى الدورية المشتركة رقم 07-17 بشأن تفعيل مقتضيات القانون 66-12 التي أشار إليها القصطلني في “مذكرته” لن نجد أية معطيات تفصيلية للإستعانة بالمهندسين المختصين التي تم ذكرها في المادة 50 من القانون ولاسيما مهندس مكتب المراقبة الذي يعهد إليه مراقبة التصاميم والدراسات التقنية التي ينجزها مهندس بمكاتب الدراسات التقنية (المراقبة القبيلية)، ولعل العيبوب الشكلية الملاحظة في هذه مذكرة القصطلني التي أعتبرها سليمة من الناحية القانونية، هو كونها لا تحمل رقم ترتيبيا حتى تكتسب “الصبغة الإدارية السليمة” الشيء الذي يطرح أكثر من علامة إستفهام حول الطريقة التي تمت به عملية الإخراج، ومن جهة أخرى التأخير الزمني في إصدار المذكرة كون القانون 66-12 دخل حيز التنفيذ منذ صدوره بالجريدة الرسمية في 19 شتنبر 2016 والدورية المشتركة رقم 17-07 تم تعميمها في 01 غشت 2017، وهذا الأمر يفتح المجال أمام مجموعة من التساؤلات والفرضيات والتي سيتم ذكرها لاحقا.

إن محاولة استقراء قرار رئيس المجلس الجماعي لتيزنيت يجعلنا نقف على مجموعة من العيوب الشكلية وصولا إلى خارق سافر للقانون التنظيمي 113-14 المتعلق بالجماعات المحلية،

أولا، الرئيس أصدر قرارا تحت مسمى قرار رئاسي والغرض من هذه الكلمة “رئاسي” هو إكساب قراره القوة القانونية من خلال التراتبية الإدارية وذلك بغيت إلغاء مذكرة نائبه المكلف بالتعمير، وهنا يحدث الخرق القانوني نظرا لكون القانون التنظيمي 113-14 صريح وواضح بخصوص التفويض في قطاع محدد (تفويض الإختصاص وليس تفويض الإمضاء) والعارفون بالقانون يدركون الفرق لكون التفويض الأول لا يخول الرئيس ممارسة تلك المهام المفوضة بمعية نوابه،

ثانيا، في الديباجة قام الرئيس خلال النقطة بالإشارة إلى المرجع المعتمد أي القانون التنظيمي رقم 113-14 وأكد في النقطة الثانية على الصلاحيات المخولة له بمقتضى القانون دون الإشارة إلى مواد محددة وهذا ما يسمى بتعويم الإشكال القانوني ومحاولة “شرعنة قراره الرئاسي

ثالثا، في النقطة الثالثة في ديباجة “القرار الرئاسي” أشار الرئيس إلى جملة تستوجب تحليلها من طرف الدارسين للقانون نظرا لغرابتها وهي كالأتي واعتبارا للملاحظات التي تقدم بها عدد من المواطنين يوم الخميس الماضي 14 يونيو 2018 بخصوص المذكرة الصادرة عن مصلحة التعمير بخصوص الوثائق المدلى بها للحصول على رخصة البناء“، فما موقع ملاحظات المواطنين في التنظيم الإداري وقانونيتها؟ وهل هناك سند قانوني في هذا الاتجاه؟ وهل أشار المشرع بنص صريح إلى شيء إسمه ملاحظات المواطنين؟ فكل ما نعرفه فهو ملتمس تقديم العرائض، والإشكال القانوني الذي يواجهنا هنا هل يحق للمواطن إلغاء قوانين (قانون 66-12) صادرة من المؤسسة التشريعية (البرلمان) بناءا على ملاحظات؟ علما بأن مذكرة القصطلني احترمت إلى حد كبير مقتضيات القانون السالف الذكر، اللهم العيوب الشكلية التي تم سردها سلفا، وما الغرض من توظيف تلك الجملة في القرار غير التظاهر بالتجاوب السريع مع متطلبات الساكنة، وهذا ما نسميه ” باغي يمرر علينا العجول” وإلا فلماذا نسب الرئيس في “قراره الرئاسي” المذكرة لمصلحة التعمير وليس نائبه؟؟؟؟

إن الطامة الكبرى في هذا الإشكال القانوني المتعلق بالتعمير أنه صادر من رئيس المجلس ونائب برلماني عن الإقليم والقانون تم تمريره في ولاية العدالة والتنمية بما فيه من النواقص الشيء الذي يؤدي إلى الإرتجالية والإرتباك في التسيير والتدبير، والغريب في الأمر أن يتم إصدار المذكرة يوم الأربعاء 13 يونيو 2018 وتسجل فيه ملاحظات المواطنين في 14 يونيو 2018 وفق ما جاء في قراره الرئاسي ومباشرة بعد عطلة العيد في 18 يونيو 2018 يأتي “قرار رئاسي” لا يستند إلى نص قانوني لإلغاء مذكرة تستند لنص قانوني، والظاهر في الأمر أن الرئيس وقع في إرتباك ووصل إلى الباب المسدود وجد نفسه في حيرة من أمره،

وبالرجوع إلى صيغة مذكرة القصطلني ولا سيما قوله في إطار تجويد وتحسين الخدمات العمومية …. وضمانا لحقوق وسلامة المواطنين تماشيا مع قوانين التعمير الجديدة نجد أن القصطلني يمهد لمدخلين، الأول متعلق بإشكالية التحديد الطبوغرافي للأملاك وبعض التجاوزات والأخطاء التي تقع أثناء عملية التعرف على القطعة الأرضية موضوع رخص البناء بينما المدخل الثاني يتعلق بسلامة المواطنين لاسيما جودة البناء من خلال تصاميم الخرسانة،

ومن هذا المدخلين أراد نائب الرئيس بشكل متأخر تفعيل مواد القانون 66-12 (من المادة 50 إلى 54-2) من خلال التنصيص على وجوب الإدلاء بشهادة تثبيت العلامات المحددة للقطعة المراد بناؤها مسلمة من طرف مهندس طبوغرافي معترف به وكذا تأشيرة مكتب المراقبة على تصاميم الخرسانة المسلحة رغم أن هذه النقطة لا تجد سندا قانونيا رغم أن المشرع أشار بنص صريح إلى جملة “مهندسين مختصين” وكذا مهندس طبوغرافي في المواد المتعلقة بتنظيم الورش.

إن هذه النازلة القانونية تجعلنا نفتح المجال أمام مجموعة من الفرضيات والتساؤلات حول الدواعي والأسباب وكذا توقيت إخراج المذكرة، فهل الأمر يتعلق بتخوف نائب الرئيس من التبعات القانونية في مجال التعمير لاسيما المتعلقة بتثبيت العلامات المحددة للقطعة المراد بناؤها خصوصا في الأحياء الهامشية حيث تصاميم إعادة الهيكلة كارثية وستظهر العيوب لاحقا، وفي نفس الصدد نستحضر واقعة مخالفة البناء أشار إليها موقع أتيك ميديا الإلكتروني متعلق ببناء في منطقة الممر (galerie d’arcade) وما تفسير التنصيص على تأشرة مكتب المراقبة؟ أم أن هناك أمور أخرى خفية مرتبطة بالتنظيم الإداري بالجماعة وفق ما جاء في تدوينات بعض الصفحات الفيسبوكية؟

ونحن نناقش هذا الموضوع لابد من التطرق إلى تدوينات وملاحظات أعضاء المعارضة ولاسيما لحسن بنواري الذي أكد على أن التعرف على العلامات المحددة للقطعة المراد بناؤها يستلزم فقط قرارا من المجلس يكلف بموجبه تقني الجماعة المتخصص في الطبوغرافية وأكد على أن الجماعة قامت بإقتناء جهاز يدوي بسيط لتحديد الإحداثيات الديكارتية للبقعة، ووقوفا عند هذه الملاحظة لابد من التأكيد للسيد لحسن بنواري أن تقني الجماعة لا يمكن تحميله مسؤولية التحديد ولو توفرت الجماعة على أجهزة متطورة مثل (station totale) والسبب قانوني محض كما هو في القانون المنظم لمهنة المهندسين المساحين الطبوغرافين وأحيله على الصراع الدائر بين التقنيين المتخصصين والمهندسين في المحافظة العقارية خلال السنوات الماضية، أما بخصوص السياق الذي أشار فيه لحسن بنواري إلى مكتب المراقبة ليس نفس السياق الذي جاء في مذكرة القصطلني التي تنص على تأشيرة مكتب المراقبة على تصاميم مكتب الدراسات، وأما مهام المتدخلين في مراقبة الأشغال وحسن سيرها فقد أشار إليها المشرع في مواد القانون 66-12

* تقني في مجال التعمير

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.