Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

تيزنيت: الشيخ بلا في رثاء أخيه ورفيق دربه “عزيز البيض السباعي”…

أخي العزيز طواه اٌلثّٓرٓى، واٌلْتٓحٓفٓ البياض، وفي النفس انكسار لا يُنْسٓى..!

كم هي جارحة هذه اللحظات، لحظات وداع صديق غادرنا على حين غرة، ودون سابق إعلان،

كم هي جارحة، لحظة فراقك يا عزيزنا “عزيز البيض”،

كم هي جارحة، لحظة فٓقْدِ الأحبة الذين يتركون في النفس انكسارا لا ينسى، ولكنه الموت، الحقيقة الكبرى التي لا تقبل النقاش ولا الجدل (كل من عليها فٓانٍ، وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ”، (سورة الرحمان، الآية 27) صدق رب العزة والجلال،

عزيز_البيض..!
لقد أبْكٓرْت يا رجل، وترجلت وأسرجت المٓنُون بلا سؤال، فلم نكن نتوقع المأساة، ولا خٓطٓرٓت ولا جٓالٓت بِاّلْبٓال، ولكنها يد المٓنون، امتدت لروحك كما امتدت لأرواح ملايين وملايير الخلق قبلك، وستمتد لملايير الخلق بعدك،

عزيز_البيض..!
أكتب نٓعْيٓك، بعد ساعات من الذهول والشرود، الذي انتابني بمجرد أن تناهى إلى سمعي نبأ ارتقائك للأعالي، دون أن أقوى على تصديق واقعٍ لا يرتفع، وتركيز النقاط على الحروف،
أكتب نعيك، وأنا خارج الحدود، أشكو فراق عزيز وفيٍّ مخلص، رافقني في السراء والضراء، وفي كل الإرهاصات الأولى لمعظم الأعمال الجادة التي بنيناها مٓعًا، وتقاسمنا مٓعًا حلوها ومُرها، في الصحافة والإعلام والعمل الميداني والإنساني والكشفي والمدني والجمعوي والسياسي،
أكتب نعيك، وأنا أشكو موت رفيقِ دٓرْبٍ، علمني الوفاء والصبر والإباء، كما علمني الأمل والتفاؤل والإقدام، والكفاف والعفاف،
أكتب نعيك، وأنا على يقين بأن الذِّكْرٓ اٌلْحٓسٓن والأثر الطيب الذي خلفته في الناس، سيظل رصيدك الأبدي، يوم لا تنفع الأموال والبنون،
أكتب نعيك، والحزن بات سلطانا على الدمع، لا يستطيع أن يُكٓفْكِفُ آلام الرحيل، ولا يقدر على جلب السلوى، مقابل هذا الفقد العظيم والمصاب الجلل، فقد رحل عنا جسدك، وبقيت صورتك وروحك إلى أبد الآبدين،

عزيز_ البيض..!
عزاؤنا فيك، أن الخالق جل علاه، قال في محكم كتابه “وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ” (سورة الأعراف الآية 34)،
عزاؤنا فيك، أن الحق سبحانه وتعالى، قال في ديوان خطابه، “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنهُمْ مَن قَضَى ‏نَحْبَهُ وَمِنهُمْ مَن يَنْتَظِرُ‏ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً”، (سورة الأحزاب الآية 23)،
عزاؤنا فيك، أنك كُنْتٓ معنا فوق الثرى، وإلى جانبنا كل تلك السنين والشهور والأيام وبالأمس القريب، فصرت اليوم تحت الثرى، تفترش الأرض وعنوانك السماء،
عزاؤنا فيك، أٓنّٓ قٓدٓرٓ المُبتسمين أن يذهبوا ويغادروا سريعا،
عزاؤنا فيك، أن الصداقة لا تقاس بعدد السنين، بل بالمواقف الخالصة الُمخْلِصة، والمواقف رجال،
عزاؤنا فيك، أنك كنت ترسم لنا على الدوام، أجمل العناوين، في جُلِّ المحافل والمنتديات واللقاءات والتظاهرات،

عزيز_البيض..!
إننا في الحقيقة لا نبكيك لأنك رحلت إلى جوار رب العزة والملكوت، ولكن نبكيك لأننا لا نقدر على استعادة شيء جميل مضى،
إننا ندرك تمام الإدراك، أن كل آلآمنا ودموعنا لن تقف أمام الأجل المكتوب، ولن تستطيع إعادة الشمعة المنطفئة لسابق عهدها، ولكن حسبنا أن يكون هذا الرحيل المباغث، إعلانا -لنا جميعا – بأن قطار العمر ماض، وتذكيرا -لنا جميعا- بأن سٓفٓاسِف الأمور لا تساوي شيئا أمام حقيقة الموت، وأن الأيام حُبْلى، والقدر القادم محتوم… وللموت جلال أيها الباقون،

عزيز_البيض..!
لقد كنت رجل المهمات الصعبة بامتياز، وهذا دٓيْدٓنُ السباعيين ولا رٓيْبْ، وكنت البلسم والدواء في عدد من المواقف، كما كنت تسعى دوما إلى فعل الخير، رغم قلة الحيلة، وقلة ذات اليد،
وٓقٓفْتٓ بجانب المستضعفين، عبر أثير الإذاعات، ونٓقٓلْتٓ الآهات على المنابر والشاشات، وٓسٓبٓرْتٓ أغوار المواقع والمنصات والصفحات،
جُلْتٓ الفيافي والقِفٓار، بحثا عن الكلمة والمعنى، مناصرا، مدافعا، مكافحا، ومنافحا عن بلدتك ومدينتك ووطنك،
روبورتاجاتك وحواراتك وتصريحاتك وجولاتك وتقديمك وتنشيطك لمعظم اللقاءات والتظاهرات كفيلة بالحديث عنك بعد الممات،

عزيز_البيض..!
وأنت صاحب القلب الأبيض، والآن صاحب الكفن الأبيض، أعمالك شاهدة على جميع أقوالك وحركاتك وسكناتك،
هنيئا لك بهذا الصِّيت، وهذا المٓقام الآخِذِ بزمام القلوب،
ستبقى خالداً في ذاكرتنا إلى أن نلتقي في ضيافة الرحمان،
هكذا، وبعد أن رحلت عن دُنيانا الفانية، إلى الدار الباقية، نسأل العلي القدير، أن تلقى رب الكعبة والسماء، وهو راض عنك،
كما نسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن يغفر لك كل زلات الحياة،
وأن يرحمك ويرحم والدك “المعلم الناجم البيض السباعي”، ويرزقكما جنات النعيم في الدرجات العلا، ويجعل سكناكما معا مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين،
اللهم إن عزيزا علينا قد انتقل من دار الشقاء إلى عالم البرزخ، فٓأٓرِهِ من رحماتك ما يُذهل روحه، وٓأٓرِهِ من نعيمك ما يجعله يتعجل قدوم الساعة،
اللهم إن أخا عزيزًا على قلبي قد ضٓمّٓهُ التراب ولٓفّٓته الأكفان، وهو الآن بين يديك يا رحيم يارحمان، فاغفر له ذنبه وتجاوز عنه سيئاته، وارحمه رحمة واسعة يا أرحم الراحمين،
اللهم ألهم ذويه وأبناءه وأسرته الصغيرة والكبيرة، ومعارفه وأصدقاءه الصبر والسلوان،
الفقد جلل، ولكن لا نقول الا ما يرضي ربنا “إنا لله وإنا إليه راجعون”،

إمضاء
أخوك ورفيق دربك، محمد الشيخ بلا
02 شتنبر 2023

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.