تيزنيت:فضاءات المدينة العتيقة تستعد لإحتضان فعاليات تفلوين الانتماء الارض والهوية يناير 2973(البرنامج الكامل).

عن اللجنة المنظمة
“تيفلوين”، احتفالية الأرض والهوية ⵜⵉⴼⵍⵡⵉⵏ
تُشكّل الممارسات الثقافية والمناسبات الاحتفالية الجماعية لحظة مهمة لإقامة الجسور بين مختلف الأجيال، تتجسد في جوهر مضامينها معاني البعد الإنساني والحضاري، وتتناقل فيها القيم والمعارف والأفكار، وتساهم في تماسك المجتمع وتقوية بنياته وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين أفراده. كما تعد فرصة لتقاسم عناصر الذاكرة والتاريخ بين الأفراد والجماعات، والحفاظ على الموروث الثقافي وصيانته وتملّكه، فضلاً عن طابعها الاحتفالي والفرجوي.
وفي إطار إعادة الاعتبار للعادات والتقاليد الأمازيغية بتيزنيت وإسهاما في الحفاظ على الثقافة الأمازيغية العريقة والعمل على النهوض بها كإحدى مكونات الثقافة المغربية المتسمة بالوحدة والتنوع، تنظم جماعة تيزنيت بشراكة مع مجموعة من الفعاليات بالمدينة تظاهرة “تيفلوين ⵜⵉⴼⵍⵡⵉⵏ” لفتح أبواب الذاكرة التاريخية والثقافية لتيزنيت، وإبراز مختلف تمظهرات احتفالية الأرض والهوية برأس السنة الأمازيغية الجديدة ايض ن اينّاير 2973، لما تحمله هذه المناسبة من دلالات ثقافية ورمزية وأنثروبولوجية متجذرة وعريقة، ليس فقط في تاريخ المغرب، وإنما في تاريخ شمال إفريقيا برمته.
“تيفلوين ⵜⵉⴼⵍⵡⵉⵏ”، تظاهرة ثقافية تحتفي بالذات الجمعية التيزنيتية الأمازيغية، يغذيها متخيل ميثولوجي ينبع من فضاء “العين أقديم” ويمتد إلى “قصبة أغناج” و”إكي ن تفلوين” ثم مدخل “تارݣا” وما تزخر به هذه الفضاءات من حمولة رمزية وثقافية ودينية واجتماعية، لا في تمركزها، وإنما في تلاقحها وتناسجها وحوارها مع مختلف الثقافات المتجاورة والمتجاذبة، سعيا في ابراز المعالم الثقافية لمدينة تيزنيت وجعلها منارة ثقافية جهويا، ووطنيا ودوليا.
“تيفلوين ⵜⵉⴼⵍⵡⵉⵏ” احتفالية الأرض والهوية، مناسبة لساكنة المدينة وزوارها لاكتشاف الدلالات الرمزية للاحتفال بـــــ”ايض ن اينّاير” والتعرف على الحضارة الأمازيغية التي هي جزء لا يتجزأ من الثقافة المغربية. سفر ضارب في عمق الممارسات الثقافية والتعابير الفنية والمعارف التقليدية المرتبطة بالاحتفال برأس السنة الأمازيغية، يتجسد في فضاءات إبداعية مختلفة، تبرز غنى وتنوع الموروث الثقافي بتيزنيت وطقوس الاحتفاء ب ايض ن اينّاير. يبدأ من” تيݣمّي ن تمازيرت”، فضاء يجمع أهم الممارسات الثقافية المرتبطة باحتفالية ايض ن اينّاير من معرض للأدوات الفلاحية باعتبار أن الاحتفاء بالسنة الأمازيغية أو السنة الفلاحية يحيل إلى الانتماء إلى الحضارة الزراعية، ثم “أنوال”، الذي يعرفنا على مختلف الأواني وأدوات الطبخ المتأصلة في الموروث الثقافي الأمازيغي، ومعرض للفنون التشكيلية، و”أسايس ن ؤمين” وفضاء للفنون التراثية المحلية والممارسات الثقافية المرتبطة بها (ترويسا، أحواش، ورشة صنع وعرض بعض الآلات الموسيقية الأمازيغية…)، إضافة إلى جناح خاص ب “إمعشار”، نموذج من الأشكال التعبيرية الفرجوية المعروفة بتيزنيت.
في الفضاء الخارجي “تاما ن تمزكيدا”، معرض محلي للاقتصاد التضامني الاجتماعي، يعرف بغنى وتنوع المنتوجات المجالية التي تزخر بها مدينة تيزنيت، وينتهي بالوصول إلى “أغناج” حيث تُعرض تشكيلة متنوعة من الأبواب القديمة والعديد من الحرف والمعارف التقليدية (صياغة الحلي الفضية، صناعة الفخار، الأزياء الأمازيغية، البلغة الأمازيغية…)، ثم “العين أقديم”، مكان للراحة والجلوس والاحتفال العائلي برأس السنة الأمازيغية والتعرف على مختلف الأكلات المعدة في هذه المناسبة والأشكال الاحتفالية المرتبطة بها، و “ئݣّي ن تفلوين”، مسلك تراثي هدفه إحياء مجموعة من الممارسات الثقافية التي تحمل الدلالات الرمزية للاحتفال برأس السنة الأمازيغية، حيث نجد احتفالية “المعروف”، واحدة من العادات القديمة بالمنطقة، ومناسبة لتعزيز قيم التضامن والتآزر التي يجسدها “ايض ن اينّاير”. كما يضم هذا المسار مجموعة من البنيات الثقافية والتراثية المنخرطة في تثمين الموروث الثقافي بتيزنيت: كمتحف أغوليد، فضاء أسرير،رياض الجنوب، فضاء البلاند…
وتنتهي هذه الرحلة في الذاكرة والتراث في مدخل “تارݣا” حيث نجد “أدغار ن تزّانين”، فضاء يستحضر أهمية تملّك الأطفال والشباب اليافعين لرمزية وأبعاد الاحتفال ب “ايض ن اينّاير”، ويضم مكانا خاصا بالألعاب التقليدية الأمازيغية، وجناحا للإبداع والفنون الأمازيغية الشبابية. و”أݣاداز” الذي يجسد السوق التقليدي باعتباره موروثا ثقافيا يحمل العديد من الرموز والدلالات، ومجالا لحفظ الذاكرة والتاريخ والتعبير عن مختلف التقاليد والعادات. نسافر من خلاله لاكتشاف ذكريات الأجداد والوقوف على مختلف ممارساتهم الثقافية المرتبطة بهذا المجال.
فضاء الحكي ببهو تيكمي ن تمازيرت:
ضمن أشغال “تيفلوين” فضاء الحكي ببهو تيكمي ن تمازيرت يضع أدب وفنون الأطفال في صلب المخطط الثقافي للتظاهرة،
فلا غرابة من البدء بالفضاء الأصيل “انوال” الفضاء المحبب لجلوس الأطفال مع جداتهم، في انتظار طهي وجبة العشاء العائلية.
وسط “أنوال” تفلوين تحمل اليوم للأطفال قسطا بسيطا من موروث من الحكايات، فكيف غدا ستستثمر تأثيراتهم بالتكنولوجيات الرقمية وبناء انتمائهم للأرض والهوية؟
مفاتيح الحكي تفتح تيفلوين على كنوز لا تفنى من قيم ومأثورات شعبية مكتنزة بالعبر والوصايا، حاضرة وفاعلة فينا …
هي خطوة أولية ورسالة لكبار الأقلام والمبدعين من دوي الموهبة والأصالة في الثقافة الأمازيغية إلى تقديم جديدهم لتغذية وجدان الطفل بقيم الثقافة الأمازيغية، وتنشيط قصص التراث على نحو يتماشى مع إيقاع تأثرهم بالوسائل الرقمية…
فضاء “أدغار ن تزّانين”:
مكان خاص بألعاب الأطفال التقليدية الأمازيغية ومكان تقديم الإبداعات والفنون الأمازيغية الشبابية.
تيفلوين تفتح أبوابها في هذا الفضاء الموجهة أنشطته للأطفال لاستشراف المستقبل من خلال الأطفال، وتشكيل الامتداد لمنظومة التظاهرة الرامية تجديد صياغة الوعي الوجداني التزنيتي بالثقافية الأمازيغية. بدءا من النشىء وبواسطة اللعب وطرق التنشيط الأصيلة.
لعب كثيرة هي قيد الانقراض، تنهض بها أحد جمعيات المدينة من عمق الحنين والتراب، واحتضنتها “تيفلوين ” وتخصص لها فضاء مفتوحا لتغذية شغف الأطفال للعب وتأكيد شخصيتهم به واحساسهم بالحرية والأمن بمدينتهم وتحقيق رغبتهم في تملك ذلك المكان والإبداع فيه…
“فضاء معرض الأقنعة وملابس فرجة إمعشار.
“إمعشار” فرجة عريقة في القدم بسوس وتسمى في مناطق منه ب”إصوابن” ، وهي عبارة عن فرجة تعتمد التنكر بالصوت والأقنعة والملابس، تشخص حكايات الحياة اليومية للناس وتعاملاتهم في الزراعة والحصاد والتجارة والتدين …
يمثلون أحداث تركت صدى لدى الناس وشخصيات أسطورية بصمت تاريخهم. تقدم في العاشر من محرم (ليلة عاشوراء) من التقويم القمري وهي مستوحاة من العرف اليهودي بمدينة تزنيت (جامع بندير،2007).
تبدأ الفرجة بتنظيم موكب تترأسه شخصية “ﺍﻟﺤﺎﺝ” وخلفه شخصيات تتكون من الحزان (Hezzan)، توايا (Tawayya)، تودايت (Tudayt)، الحاج (رئيس الموكب)، والباقي عبارة عن جوقة من أشخاص يحملون أعمدة وعصي خشبية غليظة وطويلة يضربون بها الأرض ويوازي الموكب عروض مجسمات بعض الحيوانات الجمل والحمار والبغل والضبع والبقرة والبابور…
عندما يصلون ﺳﺎﺣﺔ “أسايس” مكان العرض، يشكل ﺣﺎﻣﻠوا ﺍﻟﻌﻜﺎﻛﻴﺰ ﻭﺍﻟﻬﺮﺍﻭﺍﺕ، حلقة ﺩﺍﺋﺮية ﻣﻮﺳﻌﺔ حول نار كبيرة، ويرددون أشعارا أمازيغية مرفقة بإيقاعات منتظمة للبندير ويقدون فرجات مسرحية ارتجالية هزلية وساخرة، تتجاوز الطابوهات (المحرمات) وتستخف بالمعايير الأخلاقية و الاجتماعية والدينية. وتنبني على ثلاثة مبادئ، وهي: التنكر والتقنع، والتشبه باليهود كتمثل للساكنة المحلية عن يهود المنطقة الذين من سماتهم امتهانهم للحرف والتجارة، ومن جانبهم إدراج كل ما يتعلق بالدورة الفلاحية والزراعية في هذا الاحتفال. (منقول وبتصرف)
“فضاء التدوق لتاكلا وأوركيمن”
يقدم هذا الفضاء وجبتان للتدوق:
وجبة أوركيمن وهي طبق مشهور بمناطق سوس، يعد لوجبة العشاء في اليوم العاشر من محرم، من خليط الحبوب كالدرة والشعير والقمح، ومن القطاني كالعدس والحمص والأرز وغيرها.
يطبخ مع جزء من كتف وقوائم أضحية عيد الأضحى التي يتم الاحتفاظ بها لهذه الليلة، يحضر منذ الصباح الباكر في إناء تقليدي من الطين يسمى (تكينت)، ويترك على نار هادئة طيلة النهار.
وقد جرت العادة تحضيره في ليلة الاحتفال بالسنة الأمازيغية، هو مناسبة لتجمع العائلات والجيران وصلة الرحم فيما بينهم.
وجبة تاكلا:
وجبة تطهى في قدر على نار هادئة، يشكل في وسط الأكلة الأمازيغية حفرة دائرية صغيرة، يسكب فيها زيت “الزيتون” أو “الأركان” لسقي تاكلا أثناء تناولها ساخنة باليد.
ترتبط الوجبة أساسا بمناسبة رأس السنة الزراعية التي تأتي بعد فصل الخريف منتصف شهر يناير. ويدس داخل أكلة “تاكلا” نوى الثمر “أغورمي”. ويعتبر العاثر عليه محظوظا.
ولا تخلو عملية تقديم الأكلتين “تاكلا” وأوركيمن من صيغ الاحتفال و البهجة والتغني بأشعار من التراث الشفاهي الأمازيغي.
فضاء الفنون التشكيلية:
تمة أسئلة تطرح على هذا الفضاء وانسجامه مع الخط العام للتظاهرة، ما مدى انخراط الفنان التشكيلي في الحركية الاجتماعية والثقافية للمدينة؟،
“تفلوين” مناسبة عظيمة لإعادة النظر غير المباشرة للممارسة التشكيلية بالمدينة، هل هي مواكبة للدينامية الثقافية بالمدينة ومتفاعلة معها.
هل تستند في أفكارها على توظيف عناصر التراث التيزنيتي وخزانه الرمزي الهائل وعبق تاريخه.
تيفلوين هو سياق ثقافي متميز لاستعراض الحساسية الجمالية والفكرية لفناني المدينة، ومقارعتها مع التجارب الوطنية والدولية. وهي فرصة لمسائلة واقعها الاشكالي على كثير من المستويات:
1-هل هي متجدرة ثقافيا وحاملة للمقومات الجوهرية التي تؤسس لها تظاهرة تيفلوين في مدينة تزنيت؟ ومستلهمة من مرجعية الاحتفال بالهوية والأرض، ومن الصناعات التقليدية والحرف الشعبية التي تختزن إبداعا عميقا؟
2-ألا توفر “تيفلوين” الإطار الخصب والتربة التشكيلية لتناسل أساليب فنية مبدعة تدمج عناصر الحداثة لتؤثر مستقبلا على نوع العمران بالمدينة وتصميم الحدائق وجمالياتها …؟
3-ما إسهاماتها في بلورة الرؤية الشمولية الجمالية والمستقبلية للمدينة ( مشروع قرية المعرفة على سبيل المثال)؟
4-هل من آليات تواصلية وإعلامية وفرتها المدينة للفنون التشكيلية رسما أو نحثا أو كاريكاتورا أو فسيفساء؟
تظاهرة تيفلوين تؤسس لرؤية جماعية موحدة للثقافة الأمازيغية والمثاقفة حولها، رؤية تحمي وتصون المقومات ولا تبدد ولا تهدد، تقوي عناصر وجودها ولا تضعفها، أصيلة ومواطنة ومنفتحة وغير متعصبة، هدفها الكرامة والسعادة والرخاء للجميع.


