توقعات بتجاوز سعر الذهب ألف درهم للغرام الواحد في أسواق المغرب
قِمم وقيَم قياسية جديدة صار معدن “الذهب” ينتقل بينها بسلاسة بشكل لم تخطئه أعين المستثمرين في الأسابيع والأيام القليلة الماضية، الذين استمروا في اعتباره “أداة تحوّط رئيسية ضد التضخم”؛ ما يرسخ مكانته كـ”ملاذ آمن” للمستثمرين الساعين إلى حماية محافظهم الاستثمارية في ظل تقلبات الأسواق العالمية، المتأثرة بعوامل أبرزها جيوسياسي، وبعضها مرتبط ببيانات التضخم وتوقعات أسعار الفائدة مع اقتراب موعد اجتماعات البنوك المركزية.
على بُعد بضعة أشهر من حلول العام 2025 جدّد مُحللو “بنك أوف أمريكا” (الأسبوع الماضي) تأكيد توقعاتهم المتفائلة بأن أسعار الذهب قد تصل إلى 3 آلاف دولار للأوقية خلال العام المقبل؛ وهو ما أكدته ودعمته “عمليات الشراء القوية للسبائك”، لاسيما من جانب المكاتب العائلية في آسيا، ليُسجّل الطلب على ‘المعدن الأصفر أفضل ربع ثانٍ له منذ 25 سنة على الأقل”، وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي.
1000 درهم للغرام
من المرتقب أن تنعكس الأرقام القياسية ومنحى الصعود المستمر للذهب عالمياً على السوق المغربية، إذ أكد محمد مرشد، رئيس الجمعية الوطنية لحرفيي وصناعة الحلي والمجوهرات بالمغرب، في إفادة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “سعر الذهب من صنف المَصوغ قد يتجاوز 1000 درهم لكل غرام بحلول نهاية هذه السنة أو بداية العام المقبل”.
وفسّر مرشد متحدثاً للجريدة أن “النقص المسجل في المادة الخام من الذهب، التي سجلت هذه الأيام 650 درهمًا للغرام، مازال متواصلاً وبشكل حاد في معظم الورشات ولدى مختلف تجار الحلي والمجوهرات بالمغرب”، معتبرا أنه في حال وصول سعر الأوقية العالمية إلى 3000 دولار فإننا بالمغرب قد نتجه نحو أسعار قياسية غير مسبوقة”، مؤكدا أن “الذهب المصوغ حسب نوعيته والجودة متراوح حاليا ضمن نطاق 750 إلى 900 درهم”.
وعكس “آراء رائجة” عن نقص الإقبال أو ضُعفه بين المستهلكين المغاربة في أسواق الحلي أو قيساريات الذهب أورد المهني ذاته، الذي يشغل، كذلك، مهمة النائب الأول للفيدرالية المغربية للصيّاغين، أن الإقبال يظل في مستويات عادية، لكن الجودة هي المعيار الحاسم لدى مختلف المستهلكين، خاصة الواعين بأهمية الذهب وقيمته؛ لذلك لا يمكن الجزم بأن السوق تعرف ركوداً كبيرا”، مردفا: “لا علاقة للسعر الدولي بنظيره في السوق المغربية، لأن الاحتكار في السوق الوطنية يرفع ثمن الغرام دائما بهامش زائد 50 درهما بالمقارنة مع مستويات السعر العالمي”.
وفي حديثه مع هسبريس لم يفوت رئيس الجمعية الوطنية لحرفيي المجوهرات رفع مطلب متجدد بـ”ضرورة تخصيص مكتب متخصص في شراء وبيع الذهب في المغرب، على غرار المعمول به في دول أخرى”، متابعا بأن “فتح السوق وجعلها أكثر ليبرالية بالنسبة لتجار الذهب سيخفض من نسبة الاحتكار العالية لهذا المعدن النفيس، كما سيَضيق هامش بعض من يمتهنون إعادة تدوير المواد وخلطها…”.
ومقابل إشادته بـ”مجهود كبير تبذله مصالح إدارة الجمارك بالمغرب بخصوص الذهب المستورد وضمان توازن السوق وضبط المواد المزيّفة”، نادى مرشد بضرورة تفعيل مخرجات “دراسة إستراتيجية منجزة بين 2018-2019 من طرف القطاعات الحكومية (الاقتصاد والمالية والتجارة والصناعة..) حول قطاع الحلي والمجوهرات، وكان المهنيون ساهموا، فيها إلا أنها مازالت حبيسة الرفوف”، وفق توصيفه.
مستويات مرتفعة
بدوره أكد حسن أوداود، تاجر ذهب بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، متخصص في تسويق وصياغة المجوهرات، فكرة مفادها أن “أسعار الذهب ترتفع بشكل تدريجي محطمة قممًا قياسية جديدة عالمياً ووطنياً”، واصفا الأمر بأنه “ارتفاع في اتجاه الاستقرار عند مستويات مرتفعة”.
وسجل أوداود، في تصريح لـ هسبريس، أن “استمرار الأزمات الجيو-سياسية العالمية ودورة التضخم رغم تباطئه مما يرسخ فكرة أن الذهب مازال الأصل المالي الأكثر أمانًا، سواء بالنسبة للأفراد المستثمرين أو البنوك المركزية العالمية”، غير أنه استدرك بأن “المغرب يتوفر على سوق ضعيفة وهشة من حيث تجارة المعدن الأصفر وتسويقه، وهي هشاشة تظهر مع رواج يقل تدريجياً في ظل تدهور القدرة الشرائية للأسر وكذا مدخراتها المالية”.
وبعدما أبرز أن أسعار الذهب وطنيا قد تختم السنة بارتفاع غير مسبوق “حسب الأصناف والأنواع” لفت أوداود إلى “استمرار أزمة المادة الخام التي تضاءل حضورها حتى صارت نادرة، فيما المصاغ الجديد مستقر ضمن نطاق 750 إلى 850 درهماً”، وفق معطيات أفاد بها هسبريس.
وبعد ارتفاعات متدرّجة منذ بداية العام الجاري لامس الذهب سعره الأعلى على الإطلاق في شهر يوليوز 2024، مع تكثيف المتداولين رهانهُم على تخفيف البنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) للسياسة النقدية.
ويرى محللون اقتصاديون أن الذهب واصل الاستقرار في مستويات مرتفعة منذ بداية الصيف، مدفوعاً بـ”ضُعف وتذبذب الدولار الأمريكي”، فضلا عن عوامل أخرى متدخلة؛ هي تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيو-سياسي، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم في العديد من الدول في العاميْن الماضيين.
هذا الأداء الاستثنائي للمعدن “الأثمَن” جاء إثر مراكمته مكاسب بلغت 21 في المائة منذ بداية العام، إذ كانت القمة التاريخية السابقة للذهب عند 2531.60 دولارا في شهر غشت الماضي، قبل أن يصل يوم الخميس الماضي إلى 2555 دولاراً، متربعا على “قمة جديدة”.