تصريحات لشكر تتجاوز مستوى الخيانة لتراث حزب القوات الشعبية.

تصريحات إدريس لشكر الأخيرة حول التطبيع ليست مجرد موقف سياسي عابر، بل هي إعلان صريح عن الانبطاح الكامل أمام الإمبريالية والصهيونية. لقد تجاوز هذا الرجل كل حدود الخيانة، وتحول إلى بوق دعائي للاحتلال، متنكرا لكل القيم والمبادئ التي ناضل من أجلها الشرفاء في حزب القوات الشعبية. فكيف لرجل يتقلد قيادة حزب ولِد من رحم الكفاح الوطني ضد الاستعمار والإقطاع أن يبرر التطبيع مع كيان استعماري استيطاني يمارس أبشع أنواع الاضطهاد والفصل العنصري؟ إن هذا الموقف لا يعبر سوى عن ذهنية مهزومة لا ترى في الانبطاح إلا طريقا لتحقيق مكاسب شخصية رخيصة على حساب كرامة الشعب وحقوق الأمة.
إدريس لشكر ليس مجرد سياسي انتهازي؛ إنه تجسيد حي لعملية تدجين حزب الاتحاد الاشتراكي وتحويله من منبر للنضال الشعبي إلى أداة طيعة في يد السلطة وورقة مقايضة في سوق المصالح الضيقة. إنه الوجه القبيح للتحريفية السياسية التي حولت حزبا ثوريا إلى جثة هامدة، لا تعبر إلا عن خيانة التاريخ وقيم التحرر الوطني. ثم ما الذي تبقى من حزب المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد حين يصبح كاتبه الاول مجرد دمية في مسرح العار التطبيعي؟ لقد أهان ذاكرة الشهداء والمعتقلين السياسيين الذين واجهوا القمع والتعذيب دفاعا عن قضايا الشعب. وصار الحزب تحت قيادته ماخورا سياسيا، تلتقي فيه المصالح الرجعية بالصهيونية، ويباع فيه كل شيء، حتى المبادئ.
في زمن الرداءة السياسية، يصبح الخونة أبطالا، ويعطى صوت للانهزاميين ليبرروا الخيانة بحجج الواقعية السياسية والمصلحة الوطنية. لكن أي مصلحة هذه التي تبرر التحالف مع الكيان؟ وأي واقعية تشرعن احتضان قتلة الأطفال ومغتصبي الأرض؟ إنها مصلحة الانبطاح، وواقعية العمالة والخيانة. إن لشكر بتصريحاته هذه لا يمثل إلا نفسه وجوقة المنتفعين من حوله. أما حزب الاتحاد الاشتراكي، فهو براء من هذه الخيانة، ولن يُمحى تاريخه النضالي العريق بمواقف انتهازية لقائد مزيف. لقد سقط القناع، وانكشفت عوراته السياسية، وآن الأوان للشرفاء أن يعلنوا القطيعة التامة مع هذا الخط التحريفي الذي حول الحزب إلى أضحوكة في المشهد السياسي.
في زمن الانبطاح، يصبح الصمت خيانة. لا بد من فضح هذه المواقف الخيانية والوقوف ضد هذا التواطؤ المشين مع الكيان. إنها معركة مبدئية لا تحتمل المهادنة، لأن القضية الفلسطينية ليست ملفاً دبلوماسياً أو ورقة ضغط، بل هي قضية تحرر وطني، وقضية شعب يقاوم الاستعمار الاستيطاني بكل شجاعة. كما إن مواقف إدريس لشكر المخزية لن تمحو ذاكرة الشعوب ولن تغير الحقائق التاريخية. فلسطين ستبقى قضية كل الأحرار، والكيان سيظل عدواً للشعوب التواقة للحرية والتحرر. وسيسجل التاريخ أن لشكر لم يكن سوى خائناً للقضية وللشعب، وسيسقط كما سقط كل الانتهازيين من قبله.
لقد آن الأوان لإعادة بناء اليسار الجذري الثوري الذي يقف في صف الشعوب المقهورة ويناضل ضد الإمبريالية وملاحقها دون مهادنة أو انبطاح. اليسار الذي يعبر عن صوت العمال والفلاحين والمهمشين، ويرفض تحويل النضال إلى صفقة سياسية أو مكسب انتخابي. اليسار الذي لا يقبل ببيع القضايا الوطنية في سوق الخيانة والمصالح الضيقة.
إن تصريحات لشكر لا تستحق سوى الازدراء، لأنها نابعة من عقلية منبطحة لا ترى في السياسة إلا وسيلة للوصول إلى الكراسي والمناصب. لكن شعوبنا أذكى من أن تُخدع بهذه المسرحيات السياسية الرخيصة. الشعوب تعرف أعداءها جيداً، وستواصل مقاومتها ضد الاحتلال وأذنابه، حتى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.
الحسيمة: 17 فبراير 2025
بوعلي بلمزيان