بين مفهوم الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية أي تدبير سيحكم مرحلة التمديد الجديدة.
بقلم الأستاذ الحسين بكار السباعي.
لم يسلم اي بلد من بلدان العلم من فيروس كوفيد19. والمغرب كغيره من البلدان ،ومند ظهور اول حالة اصابة ، عمد الى تطبيق الحجر الصحي، فضحى باقتصاده من أجل شعبه، إيمانا منه بأن الرأسمال البشري قوة كل الشعوب ، كما عمل على إحدات صندوق مواجهة فيروس كورونا بأوامر ملكية واجراءات أخرى حاسمة نوهت بها العديد من المنابر الإعلامية الوطنية والدولية وعلى راسها إعلان الحكومة بتطبيق حالة الطوارئ الصحية.
و يتساءل الكثيرون عن مفهوم الحجر الصحي وماهو الفرق بينه وبين مفهوم الطوارئ الصحية ؟
الحجر الصحي إجراء وقائي و إستباقي الهدف منه اتخاد جميع الإحتياطات الكفيلة بكبح الخطر الذي يهدد صحة و سلامة المواطنين والمتمثل في فيروس كوفيد 19 والحيلولة دون إنتشاره،ولعل عمليات التحسيس والدعوة على إلتزام جميع المواطنين بيوتهم و مند ظهور أول حالة بالبلاد وعدم الخروج الا لقضاء أغراض ضرورية بل وضرورة التبليغ عن حالات الاصابة بالفيروس وعمل المستشفيات بتخصيص أماكن خاصة باستقبال الحالات المصابة ، أمر يدخل ضمن مفهوم الحجر الصحي بمعناه الواسع (الوقاية خير من العلاج ) .
و بالمقابل وللعمل عل إلتزام جميع المواطنين بالحجر الصحي، كإجراء وقائي ، قررت الحكومة المغربية كغيرها من العديد من حكومات العالم التي اصيبت بهذه الجائحة الى إعلان حالة الطوارئ الصحية .
فماذا نعني بحالة الطوارئ الصحية ؟
حالة الطوارئ عموما ، هي المعروفة بحالة الضرورة الناجمة إما عن الكوارت الطبيعية أو البشرية أو الناتجة عن إنتشار الأمراض والأوبئة ، وهنا يقوم مفهوم حالة الطوارئ الصحية وهو من إختصاص السلطة الحكومية للقيام بأعمال وتدابير من شأنها تقييد بعض حريات الأفراد وحقوقهم (كالحق في التنقل ،الحق في ممارسة الرياضة ،الحق في التجول ،وبعض الحقوق العامة كالتجمعات مثلا….) ،وذلك لمدة معينة ومؤقتة قابلة للتمديد ولا تزول إلا بزوال موجب تطبيقها وفي حالة عدم زواله ،كعدم ايجاد لقاح فعال للقضاء على فيروس كورونا ،فإن الامر يتطلب التعامل التدريجي وحسب حالات المناطق الموبوءة ومدى نسبة حالات الإصابة ،ليصل الأمر الى إعمال قاعدة التعايش السلمي مع العدو ( الفيروس) مع الإبقاء على قواعد السلامة والوقاية كوضع الكمامات والتباعد الصحي.
وحالة الطوارئ الصحية خاضعة للتخفيف او الرفع النهائي بالنظر لما ثم ايضاحه أعلاه مع التذكير أنه لا يترتب عن إعمالها توقف المرافق العمومية ولا بعض القطاعات الاقتصادية والتجارية وبعض المهن الحرة .
وليتسنى للحكومة تنفيذ حالة الطوارئ الصحية وتنزيل تطبيقها السليم المستند للشرعية خاصة في غياب أي نص صريح يؤطر هذه الحالة لا في الدستور ولا في القانون ولا حتى في المرسوم التنظيمي المتعلق بوجوب التصريح بالأمراض المعدية .
غير أن الاساس الوحيد هو إعتبار حالة الطوارئ الصحية مقياسا دوليا لمواجة الآفات الصحية والأوبئة الفتاكة المعتمد من طرف منظمة الصحة العالمية ،و الفصل 21 من الدستور والذي ينص على أنه :” ….تضمن السلطات العمومية سلامة السكان وسلامة التراب الوطني ،في إطار إحترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع .”
كما أن نص الفصل 81 من الدستور هو الذي إعتمدته الحكومة المغربية في إخراج المرسومين 292/2/20 و 293/2/20 ، وهما بمثابة الأساس المسطري لفرض حالة الطوارئ الصحية و الذي بهما يتم إلزام جميع المواطنين بالحجر الصحي و حرص السلطات العمومية على نفاذه ، حيت بدأ سريان مفعوله لأول مرة بتاريخ 20 مارس 2020 .
و من خلال المرسومين المذكورين نقول أن التمديد الاخير والمحدد في 10يوليوز 2020 سيعرف ذات الإجراءات القانونية والتدابير المتبعة في التمديدات السابقة من قبل تمديد الٱجالات و تجريم و معاقبة مخالفي الحجر الصحي و تجند مختلف المصالح و على الخصوص الأمنية و الصحية مع التخيف خاصة بالمنطقة رقم 1 بالمقارنة مع مثيلتها رقم 2 مع الحرص على تتبع الحالات المستجدة والحالات المتعافات كل أسبوع .
و على منح الصلاحية لوزير الداخلية باتخاذ كافة التدابير على الصعيد الوطني و التي تبقى ملائمة لكل جهة على حدى بشكل مركزي، بالتخفيف من القيود المنصوص عليها من المادة 2 من المرسوم الأول ل 20 مارس.
ومن الملاحظ كذلك فقد تم بلورة التنزيل اللامركزي أو كما هو معروف باللاتمركز الإداري، و كذلك بتفعيل ورش الجهوية المتقدمة ، من خلال منح الولاة و العمال صلاحية التخفيف المرحلي من قيود الحجر الصحي حسب الوضعية الوبائية لكل اقليم أو جهة .
و معه فإن المرحلة المقبلة ستعرف نوعا من التخفيف في فرض هذه القيود ببدأ عملية التدرج المرحلي لعودة المواطنين إلى الحياة الإعتيادية قبل فرض هذا الحجر وهو أمر أصبح متصلا بشكل وثيق بتطور الحالة الوبائية ببلادنا و تقلص العدوى ببعض الجهات و الأقاليم كمعيار ناظم لرفع الحجر الصحي بالتدرج من عدمه مع ضرورة الاستمرار في وضع الكمامات والتباعد الصحي و التجمع وغيره .
ذ/الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.