بوشطارت ..افني بين ناقوس المهرجانات وناموس التهميش .

ماتعيشه سيدي إفني، مدينة واقليما، من ركود اقتصادي واجتماعي وثقافي، وما تعانيه من نقص ومحدودية في الخدمات الاجتماعية الاساسية، ومن انعدام فرص الشغل. هو بكل وضوح ما يعانيه المغرب بصفة عامة على جميع المستويات، أو ما يصطلح عليه بفشل النموذج التنموي. والذي اعترفت به أعلى سلطة في البلد.
إفني ما هي إلا صورة مصغرة، لما هو قائم في البلد ككل. وهذا لا يعني أن الدولة ومصالحها المختلفة والمجالس المنتخبة، لا تشتغل، أو لا تعمل أو لا تقترح أو لا تملك الرغبة في القيام بما يلزم. ولكن؛ ذلك يعني أن الدولة والمنتخبين والمؤسسات المعنية بتدبير الشأن العام، في سيدي إفني، فاشلة في تحقيق الأهداف المرجوة، وأنها أيضا تشتغل بدون تصور، ولا تملك رؤية واضحة. وفي الغالب، الجميع يعمل من أجل المصلحة الخاصة، حيث تفشى اسلوب خطير في بنية الاشتغال لدى المسؤول الاداري والمنتخب، وهو اسلوب يضع المسؤول الفاسد والذي يشتغل بمنطق ” إدير على اش ارجع” في مراتب النجاح والتفوق والتميز، فمعيار النجاح في سيدي افني ليس هو الذي يخدم مصالح المواطنين والذي يسهر على احترام القانون أو تطبيق شروط الحكامة الجيدة، وإنما هو المسؤول الذي يعرف كيف يأكل المال العام، هو الذي يعرف كيف يفصل الميزانيات، هو الذي يعرف كيف يصبح رجلا غنيا في أقل من خمس سنوات….حتى أن الساكنة أصبحت هي الأخرى تنجدب الى مثل هذه البروفايلات، وتعتبرها من ميزات السياسي المبهر، مثلا موظف في سلم 9، بعد انتخابه واصبح عضوا في مجلس المدينة، في سنة واحدة، اصبح له منزلا كبيرا على واجهة البحر، وأصبحت له عقارات، و….وقس على ذلك مدراء القطاعات الحكومية، والمكاتب الوطنية والوكالات، كالفلاحة والصيد البحري والتجهيز والماء والكهرباء، ….الخ، مؤخرا اندهشت كيف أن مسؤول بسيدي افني اصبح يملك وحدة سياحية وعقارات على الشريط الساحلي بضواحي سيدي وارزݣ…..
الساكنة والمجتمع المدني، يعتبرون هؤلاء هم الأنموذج في الحكم والتسيير، لأن أغلب المواطنين يسكنهم نفس الهاجس….
لا أعرف كيف تتأملون مقطع فيديو، يظهر امرأة في ميرلفت تطرح امام أنظار السيد عامل الاقليم مشكل العطش وانقطاع الماء في هذه القرية السياحية، أثناء افتتاح العامل لمهرجان جديد بميرلفت…إن هذه الحادثة تحمل أكثر من مغزى….وتلخص كل شيء، ربما هي عنوان انطلاق المرحلة الجديدة، هذا إذا كان فعلا السيد العامل يفهم رسائل الخطاب الملكي الأخير….
عامل الإقليم الجديد الذي أتى من آسا، جلب معه إلى مدينة سيدي افني موضة المهرجانات، التي ملها الناس بالاقليم، وشبعوا منها إلى حد التخمة….واذا كان اغلب الساكنة والمهتمين بالشأن الإقليمي في افني، قد تعرفوا على اسلوب اشتغال العامل الجديد من خلال كلامه الكثير وحديثه الطويل عن التنمية البشرية، وحضوره الكثيف في التظاهرات والمهرجانات….فإنه حان الوقت، لضرب ناقوس الخطر، (ليس ناقوس العواد) لا عن الأوضاع التي يعيشها إقليم افني، وهي اوضاع مشابهة لما هو عليه الأمر في باقي الاقاليم، وإنما عن الاسلوب الذي يتم نهجه والمنطق المتعمد تطبيقه، في عدم البحث عن الحلول الناجعة للمشاكل المطروحة، والانصات لهموم الفقراء والمحرومين….