بصوت مرتفع.. حركة 20 فبراير والحراك السياسي البارد!
بقلم محمدامباركي وجدة 20 فبراير 2021 .
إن استحضار حركة 20 فبراير بعد عقد من الزمن على انطلاقتها ليس من باب التقديس أو أسطرة الحركة أو الحنين الى الزمن المفقود…الحركة بشعاراتها الديمقراطية وأشكالها الاحتجاجية المتجددة كانت حقيقة من أرقى أشكال المقاومة المدنية السلمية لبنيات الفساد والاستبداد، كما كانت مختبرا حقيقيا لإنتاج ذوات فردية وجماعية فاعلة…وهي ذوات بقدرما أنتجتها الحركة ساهمت هي أيضا في إنتاج الحركة، وهذه الجدلية هي التي عبر عنها السوسيولوجي الفرنسي المتخصص في الحركات الاجتماعية ” ادغار موران” بقوله ” الفرد هو نتاج المجتمع ومنتج له”.
حقيقة وصلت الحركة الى مرحلة من الضعف تداخلت فيها جدلية الذاتي والموضوعي وفي سياق إقلمي ودولي غير مساعد من حيث أن أغلب الحراكات الجماهيرية في العالم العربي لم ترقى الى مستوى الثورة الاجتماعية وبقيت حبيسة أفق سياسي متقدم على الشرط الاجتماعي المحافظ، وكذلك التدخل عن بعد وعن قرب للقوى الامبريالية التي انتقلت استراتيجتها من شعار ” المهمة التحضيرية ” إبان الاستعمار التقليدي المباشر الى شعار ” المهمة الحقوقية والإنسانية ” خلال الاستعمار الجديد غير المباشر، وبالتالي تمت صياغة العديد من التحالفات المنتجة للثورات المضادة باسم الضرورة الموضوعية الى المراحل الانتقالية ومنطق التوافقات…وهذه الضرورة هي في الواقع تغطية على استراتيجية الأنظمة الرأسمالية في تكريس استنزاف الثروات المادية والبشرية ودعم أنظمة الريع والميراث العائلي في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي شكل فيه الأمن الاستراتيجي للكيان اللصهيويي من الحلقات الأساسية التي تفسر خطة تصفية القضية الفلسطينية من خلال صفقة القرن ودفع الأنظمة والمجتمعات العربية الى تسريع وتيرة التطبيع.
عموما، لم تخرج حركة 20 فبراير عن هذا السياق باعتبارها دينامية احتجاجية عابرة للطبقات الاجتماعية على مستوى المطالب، الشعارات والتركيبة السوسيولوجية، ومن ثمة ظلت هي أيضا رهينة طبيعة القوى المتصارعة داخل المجتمع وهيمنة التوجهات المحافظة أفقيا وعموديا وضعف البديل الديمقراطي الحداثي.
حقيقة شكلت حركة 20 فبراير حلقة أساسية في إفشال مشروع إعادة هيكلة الحقل السياسي من فوق، لكنها عجزت عن التبلور كحركة اجتماعية منظمة بمضمون سياسي واضح وقادرة على المساهمة في صياغة الإطار السياسي المؤهل للفعل في ميزان القوى الاجتماعي وانتزاع مكتسبات ديمقراطية وبالتالي وقف صفقات سياسية محبوكة حكمها منطق تبادل المصلحة بين النظام السياسي وجزء من حركة الإسلام السياسي وانسحاب الجزء الآخر من صفوف الحركة….
ليس هناك شك أن رمزية الحركة ظلت حاضرة من خلال نمو الثقافة الاحتجاجية وتوسع خريطة الحراكات االسوسيومجالية المحلية والفئوية وتنمية روح الإصرار على تقاسم الفضاء العمومي كفضاء للتعبير والاحتجاج والتطلع الى المشاركة، لكن رغم ذلك وفي كل مرة وحين تتفوق المقاربة الأمنية في توسيع الهوة بين حقل اجتماعي متحرك ومتمرد ومنتفض وحقل سياسي بارد، وتجد الحركات الاحتجاجية نفسها أمام تجاهل مطالبها وقمع قياداتها بل الأخطر أمام تضييق سقفها وأفق نضالها، هنا تتجلى الحلقة المفقودة بين حراك اجتماعي احتجاجي صاعد وحراك سياسي إما نازل أو ساكن…وطبعا فسكونية الحراك السياسي ناتجة عن استراتيجية التحكم والتوجيه لأجهزة النظام وضعف القوى المضادة على المبادرة وتفكيك هذه الحلقة المفقودة المركبة…
محمد امباركي 20 فبراير 2021