التساقطات المطرية تضاعف معاناة المتضررين من “زلزال الأطلس الكبير”
رغم أن التساقطات المطرية التي شهدتها عدد من مدن المملكة، أخيرا، كان لها وقع إيجابي على عُموم المغاربة لتزامنها مع بداية الموسم الفلاحي، فإن ساكنة عدد من المناطق المتضررة من زلزال الأطلس الكبير وإن كانت تلقتها بالوقع ذاته لفتت الانتباه إلى أنها عمّقت معاناة الضحايا، لاسيما مع استمرار عيش أغلبهم في خيام بلاستيكية باتت أكثر عجزا عن مقاومة قساوة الأحوال الجوية، بعد مرور أكثر من سنة على نصبها.
ويقول متضررون وفاعلون مدنيون بهذه المناطق إن “الساكنة وضعت أيديها على قلوبها مع بدء تهاطل الأمطار، خشية عبثها بحاجياتها وإتلافها؛ لاسيّما أن الإجراءات الاستباقية التي جرى اتخاذها للشتاء، من قبيل تقوية السقف ووضع سواتر ترابية صغيرة على جنبات الخيام، سبق أن أثبتت السنة الماضية عدم نجاعتها”، منُبّهين إلى أن “المعاناة ترتفع عند مُتضرري الدواوير والمداشر، حيث تشل التساقطات الثلجية حركة المسنين والأطفال على وجه التحديد”.
ويؤكد هؤلاء أن “تأخر عمليات إعادة البناء يفرض إيواء جميع المتضررين مؤقتا في بيوت مُتنقلة، رغم أن الأخيرة بدورها لا توفر حمايةً من قساوة برد جبال الأطلس الأكبير، في أفق تحرك السلطات المعنية لتسريع عملية منح التراخيص وتصاميم إعادة بناء المنازل المتضررة”.
محمد بلحسن، منسق تنسيقية منكوبي الزلزال بأمزميز إقليم الحوز، قال: “منذ بدء تساقط الأمطار شرع المتضررون يضعون أيديهم على قلوبهم، خشية دخول مياهها إلى خيامهم، وعبثها بأثاثهم وأغطيتهم ومختلف حاجياتهم”، مُضيفاً أن “مخاوف هؤلاء من التساقطات المطرية والثلجية خلال هذا العام مُضاعفة؛ بعدما أصبحت الخيام البلاستيكية متآكلة وملأى بالثقوب، بعد مرور سنة على نصبها”.
وأضاف بلحسن، مُتحدثا لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الوضعية التي أصبحت عليها الخيام تجعل قاطنيها مثل من يعيشون في الشارع في نهاية المطاف، إذ لم تعد قادرة على توفير أدنى نسبة من الوقاية من مياه الأمطار”، لافتاً إلى “غياب تحركات رسمية لتغيير الخيام المتآكلة؛ ما يجل المتضررين مُضطرين إلى شراء قطع من البلاستيك لتقوية أسقف الخيام، ووضع سواتر ترابية صغيرة على جنباتها لمنع دخول المياه إليها”.
وسجّل مُنسق تنسيقية منكوبي زلزال الحوز أنه “لا أحد من ساكنة البلدية استفاد إلى حد الآن من المنازل المتنقلة، التي من شأنها التخفيف إلى حد ما من وطأة فصل الشتاء”، مشيراً إلى أن “الإشكال في هذا الجانب أن إعادة البناء مازالت تسير ببطء، وبالتالي يستحيل أن يعود قطاع كبير من المتضررين إلى منازلهم عمّا قريب؛ بل إن عمليات إزالة الأنقاض لم يتم إتمامها في عدد من الأحياء”.
وتابع المتحدث ذاته: “من خلال زيارتنا المتكررة لعدد من المخيمات بالمدينة يتضح أن أوضاع القاطنين بها قاسية ومحبطة نفسيا، رغم أنه لحسن الحظ يوجد ربط لها بشبكات الكهرباء، ما يمكنهم من تشغيل الأفران الكهربائية للتدفئة في ظل دنو درجات الحرارة بالمنطقة إلى 5 درجات خلال الليل، تحديدا”، خاتماً: “لحسن الحظ، أيضا، أن البلدية لم تُسجل إلى حد الآن سوى تساقطات مطرية، ولم تشهد تهاطلا للثلوج كما هو الحال في جبال المنطقة”.
وبدوار أنامر، الواقع في أحد جبال جماعة إيجوكاك بإقليم الحوز، أكد مصطفى إدحماد أن “تساقط الأمطار والثلوج خلال الأيام الماضية فاقم الأوضاع القاسية التي يعيشها المُتضررون، خُصوصا الأطفال والمسنون الذين بات يصعب عليهم التحرك”، مردفا: “لحسن الحظ استفاد أغلب ساكنة الدوار من البيوت المتنقلة، وإلا كان الوضع مزريا وأكثر سوءا”.
إدحماد استدرك في تصريح لجريدة هسبرس الإلكترونية بأن “هذه البيوت أصبحت خلال هذه الفترة بادرة جدا وتُشبه الثلاجات، إذ يستفيق قاطنوها على وجود أغطيتهم وأفرشتهم مبللة بقطرات من الندى”، مُضيفاً أن “الساكنة إلى حد الآن تتسلح بالصبر في مواجهة البرد القارس والثلوج والأمطار؛ لكنها تُريد حلا عاجلا لتسريع عملية إيوائها”.
وأورد إدحماد أن “لا أحد من ساكنة الدوار شرع في بناء منزله، نظرا لكون الطريق إليه غير معبدة ويصعب على شاحنات نقل مواد البناء الوصول إليها”، لافتاً الانتباه إلى أن “تأجير عمال لنقل هذه المواد إلى الدوار عبر الدواب سيكون مكلفا، وإذا ما أضيفت إليه كلفة نقل أكياس الإسمنت من مركز إيجوكاك فإن مبلغ الدعم لن يكون كافيا لإتمام عملية البناء”.
بدوره أكد أحمد الديش، المُنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل، أن “هذا فصل الشتاء الثاني الذي يقضيه غالبية المتضررين في الخيام البلاستيكية التي أصبحت مهترئة ومتآكلة بشكل كبير، يجعلها غير قادرة على مقاومة الأمطار والثلوج والبرد القارس”، وأن “الائتلاف نبّه الجهات المعنية، منذ الشتاء الماضي، إلى عدم صلاحية هذه الخيام لإيواء المتضررين”.
وأضاف الديش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الوتيرة التي تسير بها عملية إعادة البناء في المناطق المتضررة غير مُبشرة ولا توحي بأن نسبة مهمة من ضحايا الزلزال سيقطنون بمنازلهم الجديدة عمّا قريب؛ ما يفرض على السلطات التحرك لإيوائهم مؤقتا، لاسيما من خلال بيوت متنقلة”.
وطالب الفاعل المدني ذاته السلطات المعنية بـ”تعميم توزيع هذه البيوت على جميع المتضررين، على أن تظل حلا مؤقتا، يتم بموازاته تسريع وتيرة إعادة إسكان هؤلاء من خلال صرف جميع دفعات الدعم وتسريع عملية منح التراخيص وتصاميم البناء”.