Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

الإنتحار او الموت بين الإضطرار و الإختيار !!

بقلم سدي علي ماءالعينين.
عرفت الثلاثة أشهر الماضية التي شملها الحجر الصحي ضغطا نفسيا قويا على عموم المواطنين الذين طلب منهم البقاء في منازلهم دون أن تكلف الدولة نفسها تقديم برامج للمصاحبة النفسية خاصة الأطفال منهم، مما نتج عنه وقوع حالات إنتحار رغم محدوديتها أثناء مرحلة الحجر،
لكن قبل جائحة كورونا عرف المغرب بأنه من بين الدول التي يقدم مواطنوها من مختلف الأعمار على الإنتحار لأسباب مختلفة،
الأرقام التي كشفت عنها منظمة الصحة العالمية، تقدر عدد المقبلين على الانتحار في المغرب بين عامي 2000 و2012 بـ5.3 حالة لكل 100 ألف نسمة، ليحتل بذلك المرتبة 119 عالميا من حيث عدد المنتحرين.
بهذه الأرقام، يعد المغرب أيضا، ثاني دولة على المستوى العربي، بعد السودان (علما أن غياب الأرقام في العديد من الدول يجعل هذا التصنيف نسبي).
مصالح الدرك الملكي، بينت أنه خلال السنوات بين 2009 و2013، عرفت القرى والبوادي 2894 حالة انتحار، بين محاولات تمت ومحاولات فاشلة.
الرجال هم الأكثر انتحارا في المناطق القروية بالمغرب بنسبة 66 بالمائة، بينما تبلغ نسبة النساء المنتحرات 21 بالمائة، فيما بلغت نسبة انتحار القاصرين 13 بالمائة.
أما منظمة الصحة العالمية فقد أعدت تقريرا حول الانتحار سنة 2014، يُقر أن عدد حالات الانتحار بالمغرب تضاعفت ما بين سنتي 2000 و2012 بنسبة 97.8%، حيث انتقل معدل حوادث الانتحار من 2.7 لكل مائة ألف سنة 2000 إلى 5.3 لكل مائة ألف سنة 2012.
وشهد المغرب سنة 2012 وفق منظمة الصحة العالمية 1628 حالة انتحار، سجل من خلالها المُسنون معدل 14.4 حالة من كل مائة ألف مسن، فيما لم تتعد النسبة الخمسة من كل مائة ألف في باقي الشرائح العمرية.
ذات المعطيات، أوضحت أن الشنق يظل الوسيلة المفضلة للمنتحرين من سكان القرى بنسبة 85 بالمائة، تليها المواد السامة بنسبة 8 بالمائة، وفي الأخير السقوط من أماكن شاهقة أو استعمال الأسلحة البيضاء بنسبة لا تتجاوز 6 بالمائة.
نقل موقع “العربية نت” عن إحصائيات رسمية في المغرب، أنه ما بين عامي 2009 و2013 سجّل المغرب 2894 محاولة انتحار بين ناجحة وفاشلة، حيث بلغ عدد الوفيات جراء الانتحار 2134، منها 85% تمت شنقاً بواسطة حبل أو حزام للسراويل، وشملت حالات الانتحار 65% من الذكور، و20 % من الإناث. هذا ويظل استعمال الأسلحة البيضاء والنارية محدوداً جداً في حالات الانتحار المؤدي إلى الموت بالمغرب. وبلغة الإحصائيات سجل المغرب أكثر من 700 محاولة انتحار فاشلة.
وأبرزت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، في تقرير لها صدر سنة 2012، أن مستشفيات الأمراض النفسية بالمغرب لا تتوفر فيها أدنى شروط الإنسانية للاستشفاء والعلاج، فضلا عن النقص الحاد الذي تعرفه في بنيات الاستقبال من مراكز صحية وقائية أو أجنحة خاصة في المستشفيات العمومية.
دوليًا، ينتحر 800 ألف شخص سنويًا، بحسب إحصائية عام 2015، فيما ينتحر في المغرب قرابة 5 أشخاص من بين كل 100 ألف شخص، وفق إحصائية عام 2012. وإذا ما علمنا أن عدد سكان المغرب بلغ عام 2014 قرابة 34 مليون نسمة، فهذا يعني أن 68 مغربيًا ينتحرون سنويًا، أي قرابة 5 أشخاص شهريًا. لكن إحصائيات أخرى كذبت هذه الأرقام وقالت إن 83 مغربيًا ينتحرون شهريًا في المعدل.
نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرا عن ظاهرة الانتحار حول العالم. وجاء في التقرير أن شخصا واحدا ينتحر كل 40 ثانية، أي أكثر من الذين قتلوا في الحروب وعمليات القتل أو سرطان الثدي.

فكيف تتكون القناعة في لحظة ضعف او يأس عند المواطن المغربي المسلم لكي يقدم على فعل محرم شرعا؟

وكيف للمشرع في القانون المغربي أن لا يتابع المقدم على محاولة إنتحار فاشلة، فيما يعاقب كل مساعد له أو متستر عنه؟
ما من شك في أن القتل الذي يرتكبه الإنسان في حق ذاته لا يعدو أن يكون انتحارا كما سبقت الإشارة إلى ذلك، مما يجعله بهذه الصورة خارج نطاق القانون الجنائي لأن المنطق القانوني يتطلب مجرما وضحية حتى تمارس الدولة حقها في العقاب، غايتها في ذلك حماية حقوق الأفراد وحرياتهم وتحقيق الأمن داخل المجتمع.
لذا نجد المشرع لا يعاقب على الشروع في الانتحار سواء تحقق فعلا أو لم يتحقق
في حين نجده يعاقب على تقديم المساعدة للشخص للإقدام على الانتحار وفق ما يقتضيه الفصل 407 من القانون الجنائي.
وعليه، فإذا كان التمييز بين الشروع في الانتحار والمساعدة عليه، يكتسب أهمية بالغة سواء على المستوى النظري أو العملي، فإن ما يلفت الانتباه في هذا الإطار هو أن المشرع اعتنق أحد التوجهات المعاصرة في السياسة الجنائية المعبر عنها بسياسة اللاتجريم ، ومؤداها إخراج الانتحار الأناني أو الانفرادي من دائرة التجريم والعقاب.

إننا أمام ظاهرة أخرى من الظواهر التي تنخر المجتمع وتجتمع في أسبابها إعتبارات مجتمعية يمكن إختزالها في الضغط النفسي الذي يسببه المجتمع على الفرد سواء في معيشته، أو في تحديد إختياراته،
ويبقى رهان تحقيق العيش الكريم للمواطن، وحسن تدبير الدولة لشؤون مواطنيها عبر الربط المطلوب بين الحقوق والواجبات، والحد من أشكال الإضطهاد التي تكون الأسر والشارع ومقرات العمل مسرحا لها،
نحن نفقد شهريا بين 5 إلى 83 مغربيا بسبب الإنتحار ،وهو رقم مخيف ويدعو إلى القلق، و يدعو إلى التفكير الجماعي في إيجاد الحلول الضرورية للحد من الزايد الكبير لحالات الإنتحار.
فهل تعتبرون؟

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.