Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

أخطاء ينبغي تجنبها في تدبير التضامن الإنساني.

يمثل زلزال الحسيمة سنة 2004 مرجعية في تدبير التضامن. وإذا كانت الحسيمة وإقليمها قد شهدت موجة من التضامن الجهوي والوطني والدولية قل نظيره، فإن هذا التضامن لم يخْلُ من أخطاء كثيرة علينا تفاديها في تجربة زلزال الأطلسين الكبير والصغير.

في زلزال الحسيمة، خصوصاً في الأيام الأولى، ارتبكت كل من الدولة والمجتمع المدني معا. الأولى كانت تفتقد إلى حسن التدبير والثانية إلى حسن التأطير.

من أخطاء الدولة، من وجهة نظر المجتمع المدني، أنها سعت في الحسيمة إلى احتواء التضامن المنهمر على المنطقة، وكانت تعترض قوافل الجمعيات والمواطنين وتحيلها على باحة مطار أعاروي-الناظر ومطار الحسيمة، حيث بقيت الإعانات مجمدة لعدة أيام، ولم تسمح بتوزيعها إلا عندما تلقت السلطات المحلية أوامر من الدولة.

أما الجمعيات والمواطنين فوقعوا في فخ غياب التنسيق (كل جمعية كانت ترغب في حضور اسمها) وفخ تدبير توزيع الإعانات؛ ذلك أن التوزيع ليس بالعملية السهلة، فهو يحتاج إلى لوجيستيك (خصوصاً وسائل نقل خاصة بالمناطق الوعرة)، وإلى موارد بشرية (فرق من المتطوعين)، وإلى خطة للتوزيع. وفي غياب خطة للتوزيع، وقع توزيع عشوائي بحيث استفاد منه المحتاج وغير المحتاج فقط، بل إن بعض سكان المدن (غير المتضررة أصلاً)، بدلاً أن يتضامنوا مع ذويهم، لعبوا دور الضحية.

والآن، مع زلزال الجنوب، يبدو أن المبادرات العفوية للمواطنين أكبر بكثير من المبادرات المنظمة لجمعيات المجتمع المدني، إذ يكفي أن يعلق مواطن هاتفه في الفايسبوك ويعلن عن تخصيص شاحنة في مكان معين من المدينة، حتى تنهمر عليه مساعدات المواطنين العينية وينطلق بالشاحنة إلى الجنوب.

طبعاً، عندما تصل مئات الشاحنات إلى الجنوب، وبينما السلطات المحلية ما تزال منهمكة في إنقاذ الضحايا، يمكن أن نتخيل الفوضى التي يمكن أن تنجم على ذلك، وما يرافقه من عجز السلطات في تدبير هذا الكم الهائل من الشاحنات والمساعدات التي تنهمر على المناطق المتضررة، وهو ما سيساعد على فوضى التوزيع.

وإذا كانت مبادرات المواطنين العفوية يصعب تدبيرها، فعلى الأقل على الجمعيات ألا تقع في مثل هذه العفوية. وحتى تتجنب أخطاء سوء التدبير وسوء التوزيع الناتج عنه، على كل جمعية، قبل الانطلاق، أن تقوم على الأقل بما يلي:

  1. جمع المواد العينية المفترض أن يحتاج إليها المتضررون، خصوصا المواد ذات الصلاحية المتوسطة أو الطويلة (صلاحية ستة أشهر على الأقل)، والتفكير في أيام البرد القادمة، سيما ونحن بصدد مناطق جبلية باردة، بعضها تعرف تساقطات ثلجية؛
  2. اختيار مكان محدد للتوزيع، مع الأخذ بعين الاعتبار للمناطق الأكثر تضررا والأكثر فقرا وهشاشة؛
  3. التنسيق المسبق مع جمعية محلية في المنطقة المتضررة التي تتوجه إليها قافلة التضامن؛
  4. التنسيق مع السلطات المحلية (لمكان انطلاق قافلة التضامن) حتى تسهل عليها ماموريات المرور؛
  5. وضع قائمة حصرية للمواد المتبرع بها وتسليم نسخة منها للجمعية المحلية للمنطقة المتضررة مع توقيع هذه الأخيرة على نظير لها تحتفظ بها الجمعية المتضامنة؛
  6. مرافقة فريق من أعضاء الجمعية لقافلة التضامن. وعند الوصول، تسلم المواد للجمعية المضيفة؛
  7. عند الوصول، يجتمع أعضاء الجمعية المتضامنة مع المتضررين،فرادى أو جماعات، قصد المواساة وتقديم الدعم النفسي والمعنوي، وهذه مسألة مهمة ربما توازي الإعانة المادية أو تتجاوزها.
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.