Atigmedia
المصداقية والدقة في الخبر

أحمد الطالبي: صوت الشعب الذي لا يُنسى في وجه حكومة هبش هبش

بقلم عبدالله بنعيسى
في قلب مدينة تيزنيت، كانت هناك شخصية استثنائية تركت بصمة لا تمحى في تاريخ النضال الشعبي ضد الظلم والفساد. أحمد الطالبي، هذا الرجل الذي حمل هموم الناس على عاتقه، ولم يخشَ في قول الحق لومة لائم. بصوته الجهوري وشعاراته الجريئة، كان الطالبي لسان حال الفقراء والمهمشين، يصرخ بأعلى صوته في وجه حكومة لم ترَ في الشعب سوى مورد لاستنزاف الثروات.

شعار “حكومة هبش هبش” الذي أطلقه الطالبي لم يكن مجرد كلمات تُقال في لحظة غضب عابرة، بل كان تجسيدًا لواقع مرير عايشه الشعب المغربي، حيث كانت الحكومة تتعامل مع مقدرات البلاد وكأنها غنيمة يجب اقتسامها بين أصحاب النفوذ. في كل كلمة من هذا الشعار، كان الطالبي يُعري الفساد ويفضح سياسات النهب التي طالت كل ما بناه الشعب بجهده وعرقه.

لم يكن الطالبي ينطق من فراغ عندما تحدث عن المؤسسات الوطنية مثل “صوديا” و”سوجيطا” و”كوماناف” و”لاسامير”. هذه المؤسسات كانت تمثل أحلام جيل كامل، جيل آمن بأن المستقبل سيكون أفضل بفضل العمل الجاد والاستثمار في موارد البلاد. لكن ما حدث كان عكس ذلك تمامًا، حيث تحولت هذه المؤسسات إلى ضحية أخرى من ضحايا الفساد وسوء الإدارة، وتم تفكيكها أو بيعها بأثمان بخسة لمن لا يستحق.

الطالبي، بصيحاته القوية، كان يوجه رسالة واضحة إلى الحكومة: “كولي لينا كولي”، في إشارة إلى ضرورة مواجهة الحقيقة والاعتراف بما جرى. كان يطالب الحكومة بأن تكون صريحة مع الشعب، وأن تعترف بالمصير المظلم الذي قادته إليه سياسات النهب والفساد. كانت صرخاته تلك تعبيرًا عن الغضب الجماعي والشعور بالخيانة من قبل حكومة كان من المفترض أن تكون حامية لمصالح الشعب لا ناهبة لها.

أحمد الطالبي لم يكن يناضل فقط ضد الحكومة، بل كان يناضل ضد النسيان. كان يعلم أن أكبر خطر يمكن أن يواجهه أي شعب هو أن ينسى تاريخه، أن ينسى من ضحى من أجله ومن خان ثقته. لذلك، فإن شعاراته لم تكن مجرد كلمات، بل كانت توثيقًا لذاكرة جماعية يجب أن تُحفظ وتُنقل للأجيال القادمة.

اليوم، وبعد مرور سنوات على نضال الطالبي، لا يزال صدى صوته يتردد في أذهان كل من عاش تلك الفترة. لن يُنسى أحمد الطالبي، لأنه كان وسيظل رمزًا للشجاعة والصدق في مواجهة الظلم. وسيظل شعاره “حكومة هبش هبش” عنوانًا لنضال الشعب ضد كل من تسوّل له نفسه العبث بمقدراته وثرواته. إن أحمد الطالبي لم يكن فقط مناضلًا، بل كان ضميرًا حيًا للشعب المغربي، وسيبقى صوته حيًا في ذاكرة كل من آمن بقضيته.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.