كان في المغرب عُرف جميل لكنه للأسف اندثر، وهو عُرف مازال قائما في بعض الدول اليوم، حيث يُلقب الناس بأسمائهم الشخصية وبأسمائهم العائلية من جهة الأب ثم من جهة الأم، وهذا ما يُعطي لشخصية الإنسان بعدها الحقيقي.
لقد رأيت النور في دار جدي المتواجدة ب”أغمي ن إدعبو” بقصبة تافوكت بحي أيت امحمد في المدينة العتيقة لتيزنيت، ووالدتي تنتمي إلى “فخذة إد شويخ” من قبيلة “إضلحا بتيزنيت”، حيث كان من الأجدر أن ألقب ب: أحمد الخنبوبي التيزنيتي. كان منزلنا في القديم كما يحكى لي محجا لأهل قبيلة الخنابيب الذي يفدون على تيزنيت بواسطة الخيل والبغال، عبر الطريق القديم المار من بلدتي “أتبان” و “دوتركّا”.
إن سهل تيزنيت الذي يمتد من تخوم جبال الأطلس الصغير حتى المحيط الأطلسي، يتشكل بالأساس من فروع قبلية تمثل امتدادا لقبائل الجبل ولقبائل أيت بعمران وواد نول (نول وليس نون كما يردده مزورو التاريخ).
إن تيزنيت وفقا للمعطيات الجغرافية والتاريخية، هي التي تشكل في حقيقة الأمر بوابة الصحراء، فهي في الأصل واحة قديمة، مازالت ملامحها تظهر في مدخل المدينة قرب بلدة المعدر. المدينة ورغم صغرها من الناحية الديموغرافية، إلا أنها مدينة كبيرة من الناحية التاريخية والاستراتيجية، فقد ساهمت في تأسيس مماليك وفي إسقاط أخرى.. المدينة وأحوازها تتمتع أيضا بموارد اقتصادية كبيرة، تمتثل في رأس المال الذي تمتلكه نخبها الاقتصادية المنتشرة عبر ربوع العالم، وحسب الإحصائيات الرسمية، فالمدينة تعد الثانية وطنيا من حيث حجم الودائع البنكية المحولة بالعملة الصعبة، وهو معطى مالي ليس بالهين، كما أن المنطقة تتوفر على مؤهلات طبيعية ضخمة فوق الأرض وتحتها، فتركيبتها الجيولوجية تختزن أصناف متعددة من المعادن النفيسة، كما أنها تتوفر على أجمل الشواطئ المطلة على المحيط الأطلسي. قبل هذا وذاك، فهي تمتلك عنصرا بشريا قويا ضمنه أطر ونخب تنتشر في المعمور. كان من الممكن إذن لتيزنيت بكل هذه العناصر، أن تشكل قطبا حضاريا قويا كما كانت في الماضي، إلا أن الحظ المتعثر لتيزنيت بسهلها وبجبلها، جعلها تُبتلى دوما بمدبرين للشأن العام، لا يليقون بها وليسوا في مستوى قيمتها الحقيقية، فهم اليوم على ما يبدو يسيرون بتيزنيت نحو الفوضى والعشوائية والبدائية ونحو تكريس منطق الظلم. وهذا ما يبدو كل مرة من خلال القضايا التي تطفو على السطح، والتي تحظى باهتمام وطني ودولي، وأخرها قضية الطبيب المهدي الشافعي وقبلها قضايا أخرى… المشكل أن هؤلاء المسؤولين عوض أن تكون لديهم الغيرة على المدينة وعلى المنطقة، وأن تأخذهم الأنفة على حالتها، هم للأسف يلهون ويتراقصون ويتغنون على جراحها وعلى مأسي وألام أهلها، كأنهم لا يعلمون أن دعوة المظلوم مستجابة وليس دونها حجاب، وهو ما يعرف في الثقافة الأمازيغية ب “تكّات”..